لتجنب التسرع في اتخاذ القرارات ، يجب على المرء استشارة الآخرين والتفكير بعمق مع طلب توجيه الله.
إن التفكير والتأمل يعتبران من الأسس المهمة في اتخاذ القرارات، وهذا ما يتضح جليًا في القرآن الكريم. النصوص الإلهية تقدم لنا توجيهات قيمة حول كيفية التعامل مع القرارات المختلفة، بدءًا من الأمور البسيطة ووصولاً إلى المسائل الكبيرة التي قد تؤثر على مسار حياتنا. من خلال فهم هذه النصوص، يمكننا أن نجد إرشادات تساعدنا على تجنب الأخطاء التي قد تنجم عن التسرع والاندفاع. في سورة آل عمران، وفي الآية 159، يأمر الله سبحانه وتعالى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يتصرف بحكمة وأن يستشير الآخرين قبل اتخاذ القرارات. يؤكد هذا الأمر الإلهي على أهمية التأني في التفكير وأهمية استشارة الرأي الآخر. إن اتخاذ قرارات متسرعة دون التفكير فيها بدقة قد يؤدي إلى عواقب غير مستحبة، يمكن أن تؤثر سلبًا على حياة الإنسان ومحيطه. وهذا ما يجعل استشارة الآخرين ذات قيمة عالية، فهي توفر أفكارًا جديدة ومنظورات مختلفة قد لا نأخذها في الاعتبار عند اتخاذ القرار. ولنتيجة أهمية هذه الفكرة، نجد أيضًا في سورة المعارج، في الآية 37، تحذيرًا من التصرفات المندفعة، حيث يُشير الله إلى أن هذا النوع من السلوك قد يؤدي إلى الندم. حين نفكر في شخص اتخذ قرارًا متسرعًا، يمكننا تصور العواقب التي قد تكن وخيمة، سواء في حياته الشخصية أو في حياته المهنية. فقد يندم على قراراته لاحقًا، مما يخلق شعورًا بالندم الذي يعكر صفو الحياة. علاوة على ذلك، في سورة التوبة، الآية 105، يذكر الله عباده بأهمية الصدق والشفافية في اتخاذ القرارات. وهذه الفضائل ليست مجرد أخلاق، بل هي أدوات تساعد في تكوين قرارات صحيحة تؤدي إلى السلام الداخلي والرضا. إن قوله تعالى "وَاعْمَلُوا صَالِحًا" دليل على أن الأفعال يجب أن تتطابق مع النوايا، وهذا ينطبق بشكل خاص على تلك القرارات التي قد تحمل عواقب بعيدة المدى. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الصبر يعد أحد المفاتيح التي تساهم في تجنب التسرع في اتخاذ القرارات. فالصبر يمنح الفرد الوقت الكافي للتفكير والدراسة والتحليل. في عصر انشر فيه الإعلانات والتكنولوجيا الحديثة، نواجه حالة من الضغط لاتخاذ قرارات سريعة. ولكن القرآن الكريم، من خلال توجيهاته، يعلمنا أن نأخذ الوقت الكافي للتفكير في القرارات المهمة. على سبيل المثال، إذا كان هناك فرد يرغب في متابعة مسار وظيفي جديد، فمن الضروري أن يجري بحثًا مستفيضًا وأن ينظر في نقاط القوة والضعف الخاصة بالخيارات المتاحة له. من خلال هذه العملية، يتعرف الفرد على ما يروق له وبالتالي يصبح قادرًا على اتخاذ قرار متوازن يتوافق مع أهدافه وطموحاته. إن التفكير الدقيق والتحليل الشامل يمكن أن يؤديان إلى نتائج إيجابية، بينما السرعة في اتخاذ القرارات غالبًا ما تؤدي إلى التأسف. كما أن الاستفادة من تجارب الآخرين يمكن أن تكون مفيدة للغاية في هذه الحالات. فالكثير من الناس قد مروا بتجارب مماثلة، ويمكن أن يقدموا نصائح قيمة بناءً على ما تعلموه من تجاربهم. وبالتالي، فإن الاستماع إلى آراء الآخرين والبحث عن حكمة من سبقونا في هذا المجال يمكن أن يكون مصدر إلهام وتحفيز. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من التفكير المنطقي والتحليلي في اتخاذ القرارات. فعندما يُحلل الفرد الوضع ويسعى لفهم جميع الزوايا المختلفة، فإنه يصبح أكثر قدرة على التفكير بإبداع والتوصل إلى حلول جديدة. ومع توافر المعلومات والأدوات مثل الإنترنت والكتب والدورات التعليمية، أصبح من السهل الوصول إلى المعرفة التي تساعد في اتخاذ قرارات مدروسة. في نهاية المطاف، نجد أن القرآن الكريم يقدم لنا إطارًا شاملاً نتمكن من خلاله من اتخاذ قرارات مدروسة وصائبة. ومن المهم أن نتذكر أن الأخذ بالأسباب، مثل البحث والتفكير العميق وطلب المشورة، يمكن أن يساعدنا على تقليل الأخطاء التي قد نحدثها بسبب الاندفاع. إن التمسك بالهدوء والتأمل يمكّن الشخص من التوجيه نحو اتخاذ قرارات حكيمة تدعم مساره الصحيح في الحياة. إن التأمل والتفكير هو الطريقة التي يمكن من خلالها إنجاز الأعمال بطريقة مهنية، مما يؤدي إلى حياة أكثر توازنًا وسعادة. لذا، يجب على كل فرد أن يسعى لتعميق فهمه لقيم التفكير والتشاور قبل اتخاذ أي قرار. فالإلهام الإلهي في الكتاب الكريم يشدد على أهمية العقلانية والتأني، مما يؤكد لنا أن الحياة تدور حول خيارات نختارها ونحن نمتلك القدرة على اختيار ما هو الأفضل لنا.
في يوم من الأيام في مدينة ، كان رجل يدعى أحمد يتأمل في قرار مهم. أراد أن يفتح عملاً جديدًا لكنه كان يشعر بالتوتر. عندها قرر أن يستشير القرآن طلبًا للإرشاد. تذكر الآية 159 من سورة آل عمران التي أكدت ضرورة العمل بالتشاور والتفكير. قرر أحمد أن يأخذ بضعة أيام للتفكير في أفكاره واستشارة الآخرين. أدرك أنه يمكنه اتخاذ قراراته بهدوء أكبر وفي النهاية بدأ مشروعًا ناجحًا.