كيف نواجه شعور عدم القيمة وفقًا للقرآن؟

يعتبر الشعور بعدم القيمة والفراغ الداخلي من أبرز التحديات التي يواجهها الإنسان في حياته اليومية. في عالم يتسم بالتغيرات السريعة والضغوط النفسية والاجتماعية، غالبًا ما يشعر الأفراد بعدم الارتياح أو بالفراغ، مما يؤدي إلى فقدان الشعور بالمعنى والهدف. وفي هذا السياق، يعكس القرآن الكريم بوضوح أهمية فهم الهوية والمكانة أمام الله، ويحث المؤمنين على اكتشاف قيمتهم الذاتية وأهدافهم النبيلة. ظاهرة الشعور بعدم القيمة تتأصل ظاهرة عدم القيمة في النفس البشرية نتيجة للعديد من العوامل، مثل الضغوط الاجتماعية، والتوقعات المفرطة من الذات، وقلة الدعم الاجتماعي. يصبح من الطبيعي أن يشعر الناس أحيانًا بأنهم ليسوا كافيين أو بأنهم مهمشين وسط المجتمع. هذا الشعور قد يؤدي إلى الاكتئاب، والقلق، وحتى فقدان الدافع في الحياة. لذا، فإن تعزيز الوعي الروحي والالتزام الديني يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير في هذا الصدد. أهمية الرجوع إلى الله في إطار معالجة هذا الموضوع، نجد أن القرآن الكريم يقدم العديد من الآيات التي تدعو إلى الرجوع إلى الله كمصدر للراحة النفسية. على سبيل المثال، في سورة المؤمنون، الآية 115، يقول الله: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون؟". هذه الآية تشدد على أن لكل إنسان دورًا وأهمية في الحياة، وأن خلقه لم يكن عبثًا. إن الاستجابة لهذه الدعوة تعكس تقديرًا كبيرًا للذات وتعزز الشعور بالهدف. فالإنسان ليس مجرد كائن يعيش بلا قيمة، بل هو كائن مكرم وله دور يتعلق بتحقيق العبادة والاستفادة من وجوده في الأرض. تأسيس قيم الذات من خلال الأعمال هذه الفكرة تتجلى أيضًا في سورة الأنعام، حيث يقول الله في الآية 164: "لا تزر وازرة وزر أخرى وأنهم سيعودون إلى الله". هنا يتضح أن كل فرد مسؤول عن أفعاله وأنه سيحاسب عليها. هذا المفهوم يعزز الوعي الذاتي ويشجع الأفراد على التركيز على أعمالهم، مما يعيد لهم الثقة بالنفس ويشجعهم على السعي نحو التحسين الذاتي. من خلال هذه الأعمال، يمكن للناس إيجاد قيمة ذاتية تعيد لهم التوازن النفسي وتمنحهم معنى في حياتهم. استحضار النعم جانب آخر يمكن أن يساعد في مواجهة مشاعر عدم القيمة هو تذكير النفس بالنعم. يقول الله في سورة إبراهيم، الآية 34: "ولا تحصوا نعمه ...". إن التأمل في نعم الله يفتح أمام الإنسان آفاقًا جديدة لإدراك قيمة الحياة. فعندما نبدأ في عد النعم الموجودة في حياتنا، ندرك أن لدينا الكثير لنكون ممتنين له، وهذا الشعور بالامتنان يزرع في القلب حبًا للحياة والشعور بالأهمية. تعزيز العلاقات مع الآخرين علاوة على ذلك، فإن تعزيز العلاقات مع الآخرين والمشاركة الفعلية في المجتمع يعدان من الوسائل الفعالة لتحسين الكفاءة الذاتية. فعندما نساهم في خدمة المجتمع ونساعد الآخرين، نجد أن هناك شعورًا بالقيمة والإنتماء. الأعمال الخيرية والتطوعية تفتح الأبواب للشعور بالرضا الداخلي وتعزز من الروابط الإنسانية، مما يؤكد قيمة كل شخص من خلال التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه. دور الأمل والثقة في الله في النهاية، فإن الثقة في الله والأمل في رحمته هما المفتاح لمواجهة مشاعر عدم القيمة. إن الإيمان بأن الله يخطط لكل شيء وأن لديه خطة خاصة لكل إنسان يمنحنا الطمأنينة. نبدأ في رؤية أنفسنا من منظور أكبر، حيث أن الله قد أسبغ علينا الكثير من النعم والمواهب. وبهذا يمكن أن نصل إلى حالة من السعادة والرضا، والتي تعتبر من أبرز العوامل التي تعزز القيمة الذاتية. خلاصة إن فهم الإنسان لقيمته أمام الله وللأهداف التي خُلق من أجلها، يمنحه القدرة على تجاوز مشاعر الفراغ وعدم القيمة. من خلال العودة إلى القرآن والتأمل في معانيه وتطبيق تعاليمه، يمكن للفرد أن يتحرر من قيود الاكتئاب والقلق ويفتح لنفسه أبواب السعادة الحقيقية. إن تعزيز فكرة العطاء، والامتنان، والعمل الإيجابي في المجتمع يجعل شجرة الإيمان والأمل تنمو في قلب كل إنسان، مما يضفي على حياته قيمة ومعنى. لذا، يجب علينا دائمًا تذكير أنفسنا بقيمتنا الحقيقية في عيون الله والعمل جاهدين لإحداث تغيير إيجابي في حياتنا وحياة الآخرين.