احترام الذات يتضمن التعرف على القيمة الذاتية والقدرات ونقاط الضعف، كما ذُكر في القرآن.
يعتبر احترام الذات من القيم الأساسية التي غرسها الإسلام في نفوس البشر، حيث ينطلق هذا المفهوم من التعاليم القرآنية التي تؤكد على كرامة الإنسان وحقوقه. ويعتبر احترام الذات ليس مجرد شعور داخلي، بل هو واجب ديني وأخلاقي يلتزم به الفرد تجاه نفسه وتجاه الآخرين. إذ يقول الله تعالى في سورة آل عمران، الآية 110: 'وكنتم خير أمة أخرجت للناس'، وهذا التصريح يعكس مكانة الإنسان في المجتمع وما يمتلكه من قدرات وإمكانات تجعله مكرماً عند الله وعند نفسه. يحتاج الفرد إلى فهم حقيقي لذاته، وهذا يتطلب التعرف على نقاط القوة والضعف لديه. ففهم الذات يعزز من قيمة الفرد في بيئته الاجتماعية ويجعله قادراً على تجاوز التحديات التي تواجهه. فعندما يدرك الشخص قيمته كإنسان وينظر إلى نفسه بعين الاحترام، فإنه يصبح أكثر وعياً بقدراته وأهمية دوره في الحياة. ومن الضروري تعزيز هذا الشعور من خلال العبادة واستحضار النية في جميع الأعمال. إذ يقول الله تعالى في سورة الأنعام، الآية 162: 'قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين'، مما يبرز أهمية ربط حياة الفرد بالنية الصادقة لله عز وجل. إن شعور احترام الذات يعتمد بشكل كبير على المعتقدات الدينية والعائلية والاجتماعية، حيث يشكل المجتمع والبيئة التي يعيش فيها الفرد جزءاً كبيراً من تكوين هويته وثقته بنفسه. وعليه، فإن السعي للوجود في بيئات إيجابية وداعمة يمكن أن يعزز من احترام الذات. فإذا نشأ الفرد في بيئة تحترم حقوق الإنسان وتحتفي بالإنجازات، فإنه من المتوقع أن يستمد الثقة بنفسه ويكون لديه احترام داخلي ينعكس على سلوكياته وتفاعلاته مع الآخرين. أيضاً، يتوجب على الأفراد أن يحذروا من الأفكار السلبية التي قد تؤثر على صورتهم الذاتية. ففي سورة المؤمنون، الآية 115، يُحذر الله تعالى البشر من عدم احترام أنفسهم: 'أفحسيتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون'. هذه الآية تدعو الناس للتفكر في غايتهم من الوجود وتحثهم على احترام أنفسهم، حيث إن الإيمان بأن الحياة لها معنى ولم تُخلق عبثاً يعزز احترام الفرد لنفسه ويمنحه الدافع للعيش بكرامة. جنبا إلى جنب مع هذا، نجد أن تعزيز احترام الذات يتطلب أيضاً التعلم من الأخطاء والتجارب الحياتية. فكل تجربة تمر بها الشخص، سواء كانت إيجابية أو سلبية، يمكن أن تُستخدم كفرصة للنمو والتطور. على سبيل المثال، عندما يواجه الفرد تحديات أو إخفاقات، يمكنه أن يتعلم منها ويخرج منها بنظرة أكثر إيجابية تجاه نفسه. إن قبول الأخطاء كجزء من رحلة الحياة يُعد خطوة حيوية نحو تعزيز الاحترام الذاتي وإدراك الذات بشكل صحيح. وفي هذا السياق، نحتاج إلى التأكيد على أهمية الدعم الاجتماعي في تعزيز احترام الذات. يمكن للعلاقات الأسرية والاجتماعية أن تلعب دورًا مؤثرًا في هذا الصدد. فالتواصل الإيجابي والدعم العاطفي من الأهل والأصدقاء يمكن أن يعزز من ثقة الفرد بنفسه ويخلق بيئة مشجعة للإبداع والنمو. وعليه، فإن الأفراد الذين يتمتعون بشبكة دعم قوية غالباً ما يكون لديهم احترام أكبر لذاتهم وقدرة أعلى على التعامل مع الضغوطات والتحديات التي قد تواجههم. كذلك، على الشخص أن يتحلى بالتسامح مع نفسه وأن يُقدر جهوده. فالكمال ليس هدفا يمكن تحقيقه، وأحياناً يكون من الضروري أن نتقبل عيوبنا ونسعى لتحسينها بدلاً من القلق بشأنها. إن التسامح مع النفس يعكس احتراماً لها ويعزز من قدرة الفرد على المضي قدماً نحو تحقيق أهدافه وطموحاته. في الختام، يمثل احترام الذات مكونًا أساسيًا لتحقيق النمو الشخصي والسلام النفسي. ويعتبر التعامل مع الذات بطريقة إيجابية وعادلة علامة على النضج والوعي الاجتماعي. إن التعاليم الإسلامية تعزز من قيمة احترام الذات وتجعل منها جزءًا لا يتجزأ من هوية المسلم الذي يسعى لتحقيق نجاحه الشخصي، ويعمل بجد لنشر الخير في مجتمعه. إذ يمثل احترام الذات ليس فقط فهماً لحقوق الفرد، بل اعترافاً بقدرة الإنسان على الإسهام بشكل إيجابي في الحياة وأثره على مجتمعه.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب اسمه أمير يبحث عن طريقة لاحترام نفسه. تذكر الآيات القرآنية التي ذكّرته بأنه إنسان قيمة وعزيز. قرر أمير أن يخصص كل يوم وقتاً للصلاة وعبادة الله ويدفع اهتماماً أكبر لنفسه في حياته. بعد فترة وجيزة، شعر بمزيد من السلام والاحترام لذاته، واكتشف أن احترام الذات هو بداية رحلة نحو التميز.