استخدام الدنيا للآخرة يتم من خلال النية الصادقة في الحصول على النعم وفعل الخير.
يعلّمنا القرآن الكريم أن حياة هذه الدنيا مجرد مرحلة مؤقتة، ويجب ألا نغتر بها أو نتعلق بالمغريات الدنيوية. إذ إن القرآن الكريم يبرز لنا أهمية التوجه إلى الآخرة وترك الشهوات الزائفة التي قد تغرينا. في سورة آل عمران، الآية 14، يقول الله تعالى: "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا...". تشير هذه الآية إلى أن الحياة الدنيا تحتوي على مغريات قد تُثنينا عن الطريق الصحيح، ولكن علينا أن نتذكر أنها مجرد متع مؤقتة. لذلك، فإن استعمال هذه الدنيا يجب أن يُوجّه نحو تحقيق الأهداف العليا في حياتنا، ألا وهي الآخرة والمصير الذي ينتظرنا بعد الوفاة. فنحن هنا لغاية معينة، وهي طاعة الله وعبادته، ويجب أن نكون موكلين بنعم الله التي منحنا إياها في هذه الدنيا. فنحن مدعوون إلى استخدام هذه النعم بصورة تدل على إيماننا وصدق نيتنا. كما أن القرآن يشير إلى ضرورة كسب الرزق الحلال والانغماس في أعمال الخير. فالحياة ليست مجرد تبرم من الشهوات، بل تتطلب منا أن نكون فاعلين ومؤثرين في مجتمعاتنا. في سورة البقرة، الآية 177، يقول الله تعالى: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة...". هنا، يتضح لنا ما هو البر والسبيل الصحيح للإحسان، وهو ليس مجرد اتجاهات جسدية في الصلاة، بل هو اعتقاد عميق يتلازم مع الأفعال النبيلة. وبذلك، يجب أن تكون أنشطتنا وأعمالنا في هذه الدنيا مُوجهة نحو ما يُقربنا من الآخرة. وهذا يتطلب منا إخلاص النية والنية الطيبة في كل ما نقوم به. فإن النية الصحيحة تعطي للعبادات والأعمال العادية قيمة كبيرة. فكل فعل نؤديه، إذا كانت نيتنا فيه الإخلاص لله تعالى، فإنه يصبح عبادة في عين الله. إننا نعيش في عالم يملؤه التغير السريع والضغوطات النفسية، ولكن يجب علينا أن نكون مدركين لرغباتنا الحقيقية وأن نتحلى بالصبر واليقين بأن ما عند الله خير وأبقى. قال تعالى في سورة البقرة: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين". هذه الآية تُعلّمنا قيمة الاستعانة بالصبر والصلاة لتجاوز الصعوبات وضغوط الحياة. ومن الجوانب المهمة التي يجب أن نتذكرها هو أن ذكر الله يجب أن يكون جزءًا أصيلاً من حياتنا، ولا ينبغي أن ننسى ذكره في خضم انشغالاتنا اليومية. فالذكر يعيد لنا الأمل ويُذكّرنا بأهدافنا ويقوّي إيماننا. يقول الله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". لذا، يصبح الذكر وسيلة للاسترخاء والاتصال بالله، وهذا يساعدنا في توجيه حياتنا نحو المعاني العميقة للوجود. وبالتالي، فإن الهدف الأسمى لكل إنسان هو البحث عن السعادة الحقيقية التي لا تقتصر على الشهوات الدنيوية، بل هي سعادة ناتجة عن القرب من الله وفعل الخير. يجب أن ندرك أن السعادة ليست في الكميات التي نجمعها من الأموال أو المتع، ولكنها في الرضا الذي يمنحنا إياه الله من خلال أعمالنا الصالحة. في النهاية، يجب على كل مسلم أن يسعى جاهداً لتحقيق التوازن بين حياته الدنيوية واختياراته الأخلاقية. فهذه الدنيا ليست هدفًا، بل وسيلة لتحقيق الآخرة. إذا عملنا بجد واجتهدنا في أن نكون دعاة خير في مجتمعاتنا، فإن ذلك سيعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة. وفي زمن الفتن والتحديات، يجب أن نتمسك بمبادئنا وبعقيدتنا، ونسعى لبناء مجتمع يسوده الخير والمحبة. فلنتذكر دائمًا أن الحياة الدنيا فانية، فالاستخدام الأمثل للوقت والموارد يقتضي أن نكرّسها في سبيل مرضاة الله، ولنحرص على أن نفهم أن كل لحظة نعيشها هي فرصة لإضافة صبغة إيمانية لأعمالنا. فكل تصرف نقوم به يمكن أن يكون عبادة، إذا أحسنا النية، وهذا هو جوهر الإسلام.
في يوم من الأيام ، تذكر عادل آيات القرآن وفكر في كيفية استخدام الدنيا لأجل الآخرة. قرر أنه في تصريحاته اليومية ، يجب ألا ينسى ذكر الله وأنه بنوايا صادقة ومحبة لوالديه وعائلته سيتخذ خطوات من أجل الآخرة. سرعان ما أدرك أن حياته أصبحت أجمل وأكثر معنى يومًا بعد يوم.