العطف على النفس علامة على قوة الشخصية ، ويبرز القرآن قيمة الإنسان.
في القرآن الكريم، يُعتبر العطف على النفس موضوعًا مجيدًا وذو أهمية خاصة، حيث يُنظر إليه كقيمة أساسية لابد من الاعتناء بها. إن العطف على النفس يعني حب واحترام الذات، وهو جزء لا يتجزأ من الإرادة الإنسانية في البحث عن السعادة والرفاهية. يُظهر هذا الموضوع كم هو مهم أن نبني علاقة صحية مع أنفسنا، وهذا أمر يتطلب وعيًا عميقًا بمعنى الحياة وقيمتنا كأفراد. الله سبحانه وتعالى، من خلال آياته المباركة، يذكّرنا بقيمة أنفسنا وأهمية الاعتناء بها. من ضمن الآيات الدالة على ذلك سورة الإسراء، حيث جاء في الآية 70: "ولقد كرمنا بني آدم"، فإن هذا النص يبرز قيمة الإنسان بل ويعكس مدى تقدير الله للإنسانية. إن الوعي بتلك القيمة يدعونا جميعًا لنكون واعين لأنفسنا، ولنتجنب إيذاءها بأي شكل كان. في سياق العطف على النفس، يجب أن نرى أنه ليس مجرد شعور عابر، بل هو مسألة حياتية ترتبط بشكل وثيق بالرفاهية النفسية والروحانية. إن الأشخاص الذين يعتنون بأنفسهم، يشاركون بشكل فعال في تحديد احتياجاتهم ورغباتهم، ويعملون على تلبيتها. هؤلاء الأشخاص يكونون أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة بحكمة ورشاد. هذه القدرة ناتجة عن الفهم العميق للنفس الذي يتيح لهم اتخاذ القرارات السليمة في مواقف مختلفة. الرحمة بالنفس تعتبر نقطة انطلاق نحو الرضا النفسي والطمأنينة. يمتلك الأفراد الذين يحترمون أنفسهم قدرة أكبر على التعاطف مع الآخرين. فهم، بفضل اتفاقهم مع أنفسهم، يصبحون أكثر استعدادًا لتقديم الدعم والعطف لمن حولهم. كما يتعلم هؤلاء كيف يعبرون عن مشاعرهم بصدق ووضوح، مما يعزز علاقاتهم بالآخرين. من المهم أيضًا أن نُشير إلى أن العطف على النفس لا يعني الأنانية أو الاهتمام المبالغ فيه بالمصالح الشخصية. بل على العكس، هو يمنح الفرد القوة للقيام بواجباته تجاه الآخرين. عندما تعتني بنفسك، تعزز من قدرتك على العطاء، وتتحول من شخص محتاج إلى شخص قادر على دعم الآخرين. في الإسلام، يشدد على ضرورة التوازن في جوانب الحياة المختلفة، بما في ذلك الجانب الروحي والنفسي. يؤكد القرآن الكريم على أن تقدير النفس يجب أن يكون وسطًا، حيث ينبغي أن نحب أنفسنا دون أن ننسى قيمتها تجاه الخالق ومجتمعنا. كما ورد في القرآن: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة: 222). بمعنى آخر، إن حب النفس كذلك يشمل تطوير الشخصية وتطهير الروح، وهو دعوة لتحسين الذات نحو الأفضل، وتعظيم القيم الإيجابية. فالمسلم مطالب أن يسعى في أمور حياته لتحقيق التوازن بين حب النفس والدعوة إلى الخير والإيجابية. تتضح أهمية العطف على النفس كذلك في تعزيز العلاقات الإنسانية. الأفراد الذين يقدرون ذاتهم يميلون أكثر إلى التعاطف مع الآخرين وإظهار المودة لهم. إن القدرة على احترام الذات تعكس قدرة الفرد على احترام الآخرين، وهذا بدوره يؤدي إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون بين الأفراد. لذا، من المهم أن نأخذ الوقت الكافي لفهم أنفسنا واحتياجاتنا، وليس فقط إلى متطلبات المجتمع المحيط بنا. فإن الجهد المبذول في تعزيز الذات هو جزء من الاستجابة للدعوة الإلهية في تحقيق التطور الشخصي. في الختام، يمكن القول إن العطف على النفس هو ضرورة وليس رفاهية. هو الأساس الذي يقوم عليه بناء الشخصية السوية والنفس المطمئنة. فكما جاء في الحديث الشريف: "إن الله لا يُأُخذ المعرفة من الناس ولكنه يُثَبِّتها في قلوبهم"، ومن هنا يتجلى أهمية فهم هذه الحقيقة والاعتناء بالنفس. في عصر التحديات والضغوطات الحالية، على كل فرد أن يحرص على تقدير ذاته ومعرفة قيمته. ولعل العطف على النفس يعكس قوة الشخصية، فهو يساعد في الوصول إلى حالة من السعادة والراحة النفسية، مما يُفضي إلى حياة مفعمة بالمعنى والرضا.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يبحث عن السعادة داخله. كان دائمًا يظهر لطفه للآخرين ، لكنه لم يكن يهتم بنفسه أبدًا. ذات يوم ، التقى برجل مسن في حيّه الذي سأله: "هل تحب نفسك أيضًا؟" جعلته هذه السؤال يفكر في أفكاره. قرّر أن يخصص بعض الوقت لنفسه ويعتني بنفسه. كل يوم كان يستقطع بعض الوقت للاعتناء بنفسه ، وبعد فترة شعر بشعور أكبر من الانتعاش والحيوية.