يعتبر الحسد تجاه نعم الآخرين خطيئة في القرآن، وينصح الناس بالتعلم منها.
يُعتبر الحسد شعورًا سلبيًا يضغط على النفس البشرية ويدفعها نحو السلبية والعزلة، وهو أحد الظواهر التي حذر منها القرآن الكريم وتعاليم الإسلام. يُعبر الحسد عن عدم رضا الشخص بما قسمه الله له، ويتجلى ذلك عندما يتمنى الإنسان زوال نعمة غيره أو ما يمتلكونه من نجاحات. إن الحسد ليس مجرد شعور فردي، بل هو مرض اجتماعي يُظهر الجوانب السلبية في العلاقات الإنسانية ويُضعف الروابط الاجتماعية. إن الحسد يُعد خطيئة كبيرة يُحاسب عليها الإنسان في الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى في سورة العنكبوت، الآية 10: "وَيُمْنَحَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ"، مما يعني أن الله سبحانه وتعالى قد منح كل فرد نصيبًا من النعم والخيرات. هذا المنظور يُظهر أن كل إنسان يجب أن يتقبل نصيبه من الحياة ويُظهر الاحترام والمحبة تجاه الآخرين بدلاً من النظرة الحاقدة. كما نُفصل في سورة الحشر، الآية 11، حيث ينصح الله المؤمنين باتباع نهج إيجابي في تعاملهم مع الآخرين بقوله: "وَلَا تَحْسُدُوا مَا آتَى اللَّهُ بَعْضَكُمْ". هذه الآية تُوضح أهمية إبعاد الحسد عن قلوبنا، إذ إننا يجب أن نتذكر أن النعم تأتي من عند الله، وهو الذي يقسمها بين عباده. في سياق الحديث عن آثار الحسد، نجد أن الحسد يعزز الانقسامات الاجتماعية. فعندما يُروح الإنسان على نفسه من خلال التفكير في ما يملك الآخرون، يبدأ بفقدان التركيز على النعم التي يمتلكها بالفعل. الحسد يخلق شعورًا بعدم الرضا والاكتفاء، مما يؤدي إلى الكآبة والحزن، ويُبعد الشخص عن التقدير الصحيح لما حوله. مع ذلك، يُعّد إبعاد الحسد عن النفس أمرًا ضروريًا لتحقيق التنمية الفردية والاجتماعية. فإذا تمكنّا من الاستفادة من نجاحات الآخرين بدلاً من أن نتمنى زوالها، نستطيع تحويل هذا الشعور السلبي إلى دافعية إيجابية في حياتنا. التعلم من الآخرين، والاستلهام من إنجازاتهم، هو طريق مثمر يُساعد على بناء مجتمع متحاب ومتعاون. على سبيل المثال، يمكن للأشخاص الذين يشعرون بالغيرة من نجاحات أصدقائهم أن يتحولوا إلى محادثة بناءة حول كيفية تحقيق ذاتهم. بدلاً من الحسد، يمكنهم إيجاد طريقة للإلهام المتبادل، وبالتالي تعزيز روح التعاون والمساعدة. ويكون هنا من الأفضل لك أن تسأل نفسك كيف يمكنني أن أتعلم منهم؟ كيف يمكنني تنفيذ الأفكار الإيجابية التي ألاحظها في نجاحاتهم؟ كما تُشدد النصوص الإسلامية على أهمية التسامح والتفاهم بين الناس. عندما نُفكّر في الآخر ونُقيم نجاحاتهم، بدلاً من الخطط السلبية، نحرص على بناء بيئة مشجعة توثق العلاقات وتعزز القيم الإنسانية. وبذلك يمكننا مواجهة مشاعر الحسد التي تدمر العلاقات وتفصلنا عن بعضنا البعض. وفي هذا السياق، يُبرز الحديث النبوي الذي ورد عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "لا يُؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه". هذا الحديث يُعبر عن جوهر العلاقة الإنسانية، إذ يجب أن نُحيط بعضنا البعض بالمحبة لا بالكراهية. وعندما يحب الشخص لغيره ما يُحب لنفسه، فإنه يُعين على بناء مجتمع متماسك يتجاوز القضايا السلبية. إن الحسد يمكن أن يُحارب بالاستغفار والتوجه إلى الله بالدعاء، ونفس الشخص المتسلح بالإيمان سيكون مُحصنًا ضد هذه المشاعر السلبية. من خلال انشغالنا في ذكر الله وممارسة الطاعات، يمكن أن نقوم بتعويد أنفسنا على التفكير الإيجابي ونقى قلوبنا من مشاعر الحسد. في الختام، يُعزز الحسد من الشخصية السلبية ويؤدي إلى انقسامات اجتماعية وخلافات. بينما من خلال تعزيز القيم الإيجابية مثل المشاركة والتعاون، يمكن أن نخلق مجتمعًا يقوم على أساس الاحترام والثقة. إن الإسلام يدعونا إلى رؤية النعم في حياتنا وتقديرها، وفي نفس الوقت إحساس بالرضا تجاه نعم الآخرين. لذا، علينا أن نستثمر في تنمية روح التعاون ونتفادى مظاهر الحسد والسلبية، لنعيش في مجتمع يسوده الحب والتفاهم.
ذات يوم، كان هناك شاب يُدعى أحمد يعيش في شوارع المدينة. كان ينظر كل يوم إلى نجاحات أصدقائه ويشعر بالحسد لأنه ليس مثلهم. ولكن في يوم من الأيام، أثناء دراسته للقرآن، صادف آية تقول: "ولا تحسدوا ما آتا الله بعضكم". جعلته هذه الآية يتفكر، وأدرك أنه بدلاً من الحسد، يجب أن يسعى ويعترف بنعمه. من ذلك اليوم، قرر أن يركز على العمل الجاد بدلاً من الحسد.