السكوت في أوقات الجهل أفضل من الرد لأنه يسمح بالتفكير والفهم الصحيح.
في عالم متسارع يمتلئ بالصراعات والنقاشات حول الآراء والأفكار، نجد أن الحكمة في بعض الأحيان هي في السكوت عن الكلام. يكاد يكون السكوت سلاح ممتد يسمح لنا بالتفكر وتقدير المواقف بطريقة أفضل، وهو ما يتم تأكيده في القرآن الكريم، الذي يحثنا على التروي وعدم التسرع في إصدار الأحكام أو التعليق في حالات الجهل أو عدم النضج. إن القرآن الكريم يقدم لنا عبر نصوصه الشريفة نماذج حية لضرورة الصمت والفكر العميق قبل الحديث، مما يجعلنا نتأمل في معانيها ودلالاتها الحيوية في حياتنا اليومية. في سورة لقمان، وعندما يخاطب لقمان ابنه، نجد تلك الحكمة الفائقة تتجلى في قوله تعالى: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ". إن عبارة "اغضض من صوتك" تحمل في طياتها دعوة للحذر ورؤية الأمور بعين الحكمة قبل اتخاذ أي قرار أو إجراء، وخاصةً في لحظات التحول والتوتر التي يمكن أن تعصف بنا. ففي بعض الأحيان، قد يفرض علينا الجهل أو عدم الاطلاع التحدث بطريقة متسرعة، وهو ما قد يؤدي إلى تشويش الأذهان أو نشر الفتنة. ذات المعنى يتظهر في سورة النور، حيث يشير الله تعالى إلى عواقب الفاحشة والحديث المجرد يقول: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة"، مما يوضح خطورة الكلام المستهتر وفوضى الألسن. إن تكرار هذه المعاني في القرآن الكريم يدل على أهمية الوعي والحذر في أقوالنا وأفعالنا. فالسكوت في المواقف غير الواضحة أو المواقف التي تستدعي التعقل هو عمل حكيم. في أوقات الجهل، يعتبر السكوت من أسمى التطبيقات التي يمكن أن يتحلى بها الفرد، لأنه يوفر له فرصة للتفكر والبحث عن المعرفة والفهم الصحيح للأمور. إن الاختيار بين السكوت والرد يتطلب فهماً دقيقاً للوضع الذي نحن فيه. يجب علينا أن نعرف متى نتحدث ومتى يكون من الحكمة أن نتجنب الكلام، فالجهل قد يجرنا إلى مواقع غير محمودة من الخلافات والصراعات التي لا تنتهي. في النهاية، يعد السكوت بديلاً سليماً للتفكر في حقيقة الأمور، وتحليل المواقف بعمق، قبل إبداء أي تعليق. عندما نُدرِكَ أننا نجهل الأبعاد الحقيقية لموضوع ما، من الأفضل أن نختار الصمت، مما يترجم تواضعنا وقبولنا للجهل. قد تكون لحظة الهدوء التي نتمتع بها بمثابة فرصة للتعلم والنمو الفكري. وفي هذا الصدد، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، وهو بمثابة تذكير بأن علينا التحلي بالحكمة في أقوالنا وأفعالنا، والعمل على تطوير أنفسنا بما يحقق النفع لنا وللآخَرين. إن اتخاذ القرار بين السكوت والكلام يعود بنا إلى مدى استيعابنا للمعرفة وفهمنا للموقف. وفي كثير من الأحيان، قد يكون كلامنا أكثر ضرراً من السكوت، كما قد يكون الصمت قولاً أقوى وأكد ممن الكلام. لذلك، يجب علينا أن نتعلم من تعاليم القرآن ومن سير الأنبياء والصالحين، الذين اتبعوا تلك الحكمة في تعاملاتهم. لذلك، وفي ختام حديثنا عن السكوت ودلالته في القرآن الكريم، يجب أن نؤكد على أهمية تفعيل هذه القيم في حياتنا اليومية. فلنأخذ من آيات الله دليلاً لنقود أنفسنا نحو الفهم الأعمق، ولنتعلم كيف نصمت في الأماكن التي تتطلب ذلك. لأنه في سكوتنا، نتعلم كل يوم كيف نعبر عن أنفسنا بأفضل الطرق، الأمر الذي ينعكس على سلوكنا ومعاملتنا مع الآخرين. كما يجب أن نحث أنفسنا على الانفتاح على المعرفة والسعي لتحصيلها لتحقيق التوازن بين السكوت والكلام. في النهاية، كثيرٌ مما نحتاج إليه في حياتنا اليومية يعود إلى فهم القرآن الكريم ومضامينه؛ فهو الدليل المتين لكل مسلم في التعاطي مع القضايا المعاصرة.
في أحد الأيام ، وجد رجل نفسه في تجمع حيث كان موضوع النقاش شيئًا له علاقة به. لكنه لم يكن يعرف كيف يرد. تذكر آيات القرآن وقرر أن يبقى صامتًا وأن يستمع إلى الكبار والعلماء. من خلال ذلك ، سمع آراء وحججًا قيمة ، وفي النهاية ، واصل بأفضل فهم للقضية. علمه هذا التجربة أنه في أوقات الجهل ، يمكن أن يساعد السكوت في الوصول إلى الفهم الصحيح.