يتم تعريف السعادة في القرآن من خلال علاقة وثيقة بالله ، والصبر ، والامتنان ، ومحبة الآخرين.
يقدم القرآن الكريم العديد من التوصيات والسلوكيات التي تهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان ورفاهيته. إن كتاب الله يحمل في طياته العديد من الآيات التي تتناول الجوانب المختلفة للحياة، سواء الجوانب الروحية، الأخلاقية، الاجتماعية، أو النفسية، مما يجعله مرجعًا لا غنى عنه لكل من يسعى إلى عيش حياة سعيدة متوازنة. في هذا المقال، سنناقش أبرز تلك التوصيات الواردة في القرآن الكريم، مركّزين على أهمية الإيمان بالله، الصبر، الشكر، التعاون، ومحبة الآخرين. أولاً، يمكننا الحديث عن موضوع الإيمان بالله. يُعَدُّ الإيمان من الأسس الرئيسية التي تعزز السعادة في حياة الفرد. يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية 186: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۭ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ". تدل هذه الآية المباركة على قرب الله من عباده وأهمية الدعاء والاعتماد عليه في كل شؤون الحياة. إن توطيد العلاقة مع الخالق من خلال الصلاة والذكر يجعلنا نشعر بالطمأنينة والسكينة، ويقوي من إيماننا، مما يسهم بصورة مباشرة في سعادتنا. إن الإيمان بمنزلة إشعاع يضيء دروب حياتنا ويجعلنا أكثر قدرة على التغلب على الصعوبات والابتعاد عن الهموم. ثانياً، يتحدث القرآن عن أهمية الصبر والشكر كوسائل لزيادة السعادة. ففي سورة عبس، الآية 18، يقول الله: "فَلْيَذْهَبْ إِلَى هَلْ أَنتُمْ مُدَّعُونَ إِلَى السَّبَبِ". هذه الآية تشير إلى أن الإنسان يجب أن يتحمل الصعوبات والتحديات التي تواجهه. فالصبر هو مفتاح النجاح والسعادة، وعندما نتعلم كيف نصبر على المصائب، فإننا نتحمل الأعباء بشكل أفضل، ونعزز من قدرتنا على مواجهة التحديات. بالمقابل، فإن الشكر على النعم يفتح أبواب السعادة في القلوب. إن الاعتراف بالفضل والامتنان لما أعطاه الله لنا يعزز من الشعور بالرضا ويجعلنا ندرك كم نحن محظوظون في حياتنا. إن ممارسة الشكر بشكل مستمر يساهم في خلق بيئة إيجابية تجعلنا نرى الجوانب الجميلة في حياتنا. رابعاً، يشدد القرآن الكريم على أهمية التعاون وضرورة تقديم الدعم للآخرين. يقول الله تعالى في سورة المؤمنون، الآية 10: "وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ". تشير هذه الآية إلى أهمية الزكاة والصدقة في تحقيق التكافل الاجتماعي. إن مساعدة الآخرين لن تساهم فقط في إسعادهم، بل ستجلب لنا السعادة أيضًا. فالأعمال الخيرية تطهر القلوب وتُدخل الفرح في النفس، وتُعزز من روح الجماعة والمجتمع. إن تقديم المساعدة للمحتاجين، سواء من خلال الزكاة أو الصدقة، هو عبادة عظيمة تقربنا إلى الله وتشعرنا بالشعور بالانتماء والمشاركة. خامسًا، يشدد القرآن الكريم على أهمية معاملة الآخرين بلطف واحترام. فالخلق الحسن هو أساس العلاقات الاجتماعية الناجحة، وهو ما ينعكس في سلامة المجتمعات ورفاهيتها. إن اتباع الآداب الإسلامية في التعامل مع الآخرين، ودعوتهم إلى الخير، والإحسان إليهم، يُسهم بشكل كبير في خلق بيئة مليئة بالمودة والمحبة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعامل بلطف وزيادة روح التعاون بين الأفراد يعزز من العلاقات الأسرية والاجتماعية. في الختام، يُظهر القرآن الكريم أن السعادة ليست مجرد شعور عابر، بل هي نتيجة لعلاقات متينة وأسس راسخة من الإيمان، الصبر، الشكر، التعاون، ومحبة الآخرين. إن التقرب إلى الله والاعتماد عليه في كل أمور الحياة يُعد من أساسيات السعادة. فالعلاقة الوثيقة مع الله، والتي تتمثل في الصلاة والدعاء والتوبة، هي التي تُشعرنا بالسلام الداخلي والسكينة، مما يجعلنا نستطيع مواجهة صعوبات الحياة بكل شجاعة وإيجابية. لذلك، فإن السعادة وفق المنظور القرآني هي مسار حياة مستمر وطرق متنوعة، تتطلب منا الوعي والممارسة الفعلية لتحقيقها والتمتع بها في هذه الدنيا والآخرة.
في يوم من الأيام ، كانت زهراء فتاة شابة تبحث عن سر السعادة. كانت تتحدث مع أصدقائها عن الحياة والسعادة عندما قالت لها إحدى صديقاتها: "زهراء ، اقرئي القرآن ؛ فهو يحتوي على إجابات لجميع أسئلة الحياة." قررت زهراء قراءة آيات القرآن والعمل بتوصياته. بعد فترة ، أدركت أنه من خلال تعزيز إيمانها ومساعدة الآخرين وممارسة الامتنان ، كانت تشعر بالسعادة حقًا.