النية الصحيحة تعزز قيمة العمل ، وبدونها ، لن يقبل العمل.
في القرآن الكريم، يعتبر التأكيد على النية والهدف في القيام بالأفعال عنصرًا حاسمًا. لقد تحدث الله سبحانه وتعالى في العديد من الآيات القرآنية عن أهمية النية وأثرها المباشر على قيمة الأعمال وآثارها على الفرد والمجتمع. تعتبر النية من الأركان الأساسية للعمل الصالح، حيث يقول الله تعالى في الآية 110 من سورة البقرة: "فَمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْمُنفِقِينَ". وهذا يشير إلى أن الأعمال الصالحة لا تكتسب قيمتها من فعلها فقط، بل من النية التي تسبقها وترافقها. ويعزز هذا المفهوم حديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) حين يقول: "إنما الأعمال بالنيات"، مما يعكس أن العمل الذي يقوم به الإنسان يمثل تجليًا لنية صادقة ترمي إلى إرضاء الله. فبدون تلك النية، يصبح العمل بلا قيمة ولا يُقبل. وبالتالي، يعتبر فهم النية ومراقبتها أحد القواعد الأساسية في حياة المسلم. استنادًا إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، يمكن أن نستنتج أن كل عمل يقوم به الإنسان يحتاج إلى نية واضحة وصادقة، لأن النية تعتبر المحرك الفعلي الذي يوجه الإنسان لأداء الأعمال. ولذا، فإن الشخص الذي يسعى للقيام بأعمال خيرية، مثل الصدقة أو المساعدة، سيحقق مكافآت أكبر بالنية الصافية لخدمة الآخرين والطمع في رضى الله. فهذا يتطلب منا التفكير والتأمل في دوافعنا، وتحفيز أنفسنا لتوجيه النية نحو الصلاح والإحسان. إن النية تلعب دورًا بالغ الأهمية في توجيه الإنسان نحو التصرفات الإيجابية. فعندما يقوم الفرد بعمل ما، يجب أن يتساءل: ما هي النية وراء هذا العمل؟ هل هو البحث عن الثناء أو لمساعدة الآخرين وتحقيق الخير؟ إن الالتزام بالنية الصادقة يؤدي إلى إنجاز أكبر، ويعود بالنفع ليس فقط على الفرد، بل يمتد التأثير ليشمل المجتمع ككل. فالنية الطيبة تصنع فرقًا كبيرًا. إلى جانب ذلك، ينبغي أن نعتبر أن النية لا تقتصر على الأفعال الكبيرة مثل الصدقات أو المشاركة في الأعمال الخيرية، بل تمتد لتشمل كل تفاصيل الحياة اليومية. يمكن أن تكون النية حاضرة في أبسط الأفعال، مثل الابتسامة في وجه الآخرين أو تقديم المساعدة للجار. فكل هذه الأفعال، إذا ما كانت مرفقة بنية صادقة، ستُحتسب لنا أجرًا عند الله.[ وفي هذا السياق، نشير إلى ضرورة أن يكون هناك وعي دائم في الحياة العملية عن النيات مصاحبة للأعمال. دراسة الإنسان لنياته تساعده على تمييز الخير من الشر، وتحفيزه للعمل بالإيجابية. وعندما يكون المجتمع مكونًا من أفراد يزرعون النية الصادقة في قلوبهم، فإنه سيكون مجتمعًا صحيًا ومزدهرًا، يسوده التعاون والإحسان. إن تأثير النية يتجاوز الفرد ليشمل العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية. فالأشخاص الذين يبنون نواياهم على أساس الإخلاص والمودة في أسرهم ستتطور علاقاتهم بشكل إيجابي. عندما تكون النية قائمة على الحب والتعاون في الأسرة، يصبح هناك تلاحم وصداقة قوية تسود بين الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نكون واعين أنه في بعض الأحيان قد نواجه أعمالًا يتعين علينا القيام بها رغم عدم وجود نية واضحة. لذا، ينبغي التحلي بالإخلاص في تلك الأعمال والسعي لتحفيز النية الجيدة في قلوبنا. فالقلب النقي الذي يسعى دائمًا إلى إرضاء الله هو مفتاح للتحول الإيجابي. إن التوجه نحو الطاعات والنوايا الحسنة يعزز من قيم العمل الصالح، ويقوي الروح داخل الفرد. وفي النهاية، يستوجب علينا التأمل في مرحلة تفكيرنا قبل الشروع في أي عمل. النية ليست مجرد فكرة نعبر عنها كجزء من الإيمان، ولكنها تعبير حقيقي عن صدق المشاعر والمقاصد. ومع كل عمل نقوم به، يجب أن نتذكر أن الله تعالى يعلم خبايا الصدور، ونجاحنا في الأعمال مرتبط ارتباطًا وثيقًا بنوايانا. لذلك، لنحرص على أن تكون نياتنا صادقة ونشر الخير في كل جوانب حياتنا. بهذه الطريقة، نكون قد سلجنا بأن النية تلعب دورًا محوريًّا في تحديد قيمة الأعمال، وضرورة الجهد لتحقيق النية الصادقة في كل ما نقوم به. وعلينا أن نتذكر دائمًا أن تحقيق الخير والنمو الأخلاقي يتطلب منا دائمًا الإخلاص والنية الصحيحة.
في يوم من الأيام ، كان علي في ساحة المدرسة يتأمل في المهام التي أنجزها خلال اليوم. أدرك أنه يجب أن تكون لديه نية خالصة لكل من أفعاله. لذلك قرر أن ينقي نيته في الأنشطة اليومية ، مثل مساعدة صديقه في حل مشكلة رياضية أو مساعدة أخته في إعداد الطعام ، بهدف إرضاء الله من خلال أفعاله. مع مرور الوقت ، شعر علي أن علاقته مع الله قد قويت وحقق شعورًا بالسلام الداخلي.