عدم الرضا ينشأ من نسيان الله والفشل في تقدير نعم الحياة.
يعتبر الرضا أحد القيم الأساسية التي يسعى إليها البشر في حياتهم اليومية. يُعرف الرضا بأنه شعور داخلي بالسلام والقبول، والذي يتجلى في قدرة الفرد على تقدير حياته وظروفه. ولكن، كما يوضح القرآن الكريم، هناك عوامل مختلفة يمكن أن تؤدي إلى عدم الرضا لدى الأفراد. يمكن أن تكون هذه العوامل هي التركيز المفرط على الطموحات الدنيوية، أو نسيان الله، أو الانحراف عن القيم الروحية. أولاً، من المهم بمكان أن نفهم كيف يمكن أن يثقل الهموم الدنيوية أنفسنا. في مجتمعاتنا الحالية، يغلب على الناس التركيز على ما ينقصهم من متطلبات الحياة، سواء كانت مادية أو معنوية. إن السعي وراء المال، المناصب الاجتماعية، أو المظاهر الخارجية يمكن أن يكون سببًا رئيسيًا في شعور الإنسان بعدم الرضا. يوضح القرآن الكريم هذا الأمر بشكل فصيح في سورة الحشر، حيث يقول: 'وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ' (الحشر: 19). تشير هذه الآية إلى العلاقة الوثيقة بين نسيان الخالق ونقص الرضا عن الذات، إذ أن من ينسى خالقه، غالبًا ما يبتعد عن ذاته ويشعر بالضياع. إن النسيان هنا لا يعني فقط عدم ذكر الله، وإنما يعني أيضًا الابتعاد عن قيمه وتعاليمه. من ناحية أخرى، تُظهر سورة الأنعام في الآية 32 أن هذه الحياة ليست سوى لهو ولعب: 'وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب' (الأنعام: 32). يعني هذا أن الانشغال بالماديات والتركيز على اللحظات العابرة يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالفراغ وعدم الرضا. فالمواد الدنيوية متغيرة وزائلة، مما يجعل التركيز عليها مصدرًا للقلق والضغوط النفسية. كذلك، يُعتبر الشكر والامتنان من السبل المهمة للوصول إلى الرضا. في سورة إبراهيم، الآية 7، يقول الله: 'وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم'. هذه الآية تشير إلى أهمية الشكر والامتنان للنعمة التي نتمتع بها. عندما نركز على الإيجابيات ونعترف بالخير في حياتنا، نجد أنفسنا أكثر رضا وثقة. إن التقليل من الشكوى والتوجه بالشكر يمكن أن يخلق تغيرًا إيجابيًا في طريقة رؤيتنا للحياة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأفراد إدراك أن الرضا لا يأتي من الخارج، بل هو شعور داخلي. إن إقامة علاقة قائمة على الإيمان مع الله والتذكير به باستمرار يمكن أن تعزز الرضا الداخلي. عندما نعيش وفقًا لقيمنا الروحية ونراعي واجباتنا تجاه خالقنا، نشعر بسلام داخلي يمكن أن يقودنا إلى الرضا. إذًا، يمكن القول إن عدم الرضا قد يكون ناتجًا عن نقص في الوعي بالروحانية والشكر على النعم. كما يجب الإشارة إلى أن الرضا الذاتي والتقبل لا يعنيان الاستسلام أو عدم السعي نحو التحسين. بل على العكس، يُمكن للرضا أن يدفع الشخص للسعي نحو تطوير ذاته وتحقيق أهدافه، لكن مع الحفاظ على وجهة نظر متزنة وممتنة. إن السعي إلى حياة متوازنة بين الأبعاد المادية والروحية يمكن أن يؤدي إلى إيجاد الرضا التام. في الختام، يُعتبر الرضا عن الذات والحياة من أهم العناصر التي تساهم في تحسين نوعية الحياة. من الضروري أن يدرك الأفراد العوامل التي تؤدي إلى عدم الرضا، مثل التركيز على الدنيوية ونسيان الله. كما أن الشكر والتواصل مع الخالق يمكن أن يسهم في تعزيز الرضا وترسيخ السلام الداخلي. لذلك، طريقنا إلى الرضا يبدأ من ذواتنا، ومن نظرتنا للحياة ونمط تفكيرنا. فإذا استطعنا التوازن بين الجوانب الروحية والمادية، فإننا سوف نكتشف طرقًا جديدة للرضا والسعادة في حياتنا. إن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من الحوار والنقاش في مجتمعنا، حيث يجب أن نعيد النظر في أولوياتنا ونركز على ما يجعلنا راضين. نحتاج إلى إعادة تقييم طريقة تفكيرنا وأن نكون أكثر وعيًا بمسؤولياتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين. إن الرضا بالذات لا يعنى فقط رضا النفس، بل هو أيضا رضا الله، وعلينا أن نتحلى بالصبر والإيمان لتحقيق هذا الهدف العظيم في حياتنا.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يدعى أحمد، كان غير راضٍ عن حياته. كان يركز دائمًا على ما ينقصه. في يوم من الأيام، بعيدًا عن صخب الحياة، قرأ في القرآن آية تتحدث عن الشكر. تأثر كثيرًا وقرر التركيز على الجوانب الجيدة في حياته. منذ ذلك الحين، شعر بتحسن من خلال تقديره لنعم الله، وبدأ شعوره بعدم الرضا في التلاشي.