يشعر بعض الأفراد بالضيق من النصيحة بسبب الكبرياء أو عدم قبول أخطائهم.
النصيحة والاستشارة هما جزءان أساسيان من السلوك الاجتماعي لدى الإنسان، حيث يعتبران من القيم المحورية في بناء المجتمعات والعلاقات الإنسانية السليمة. النصيحة تُعبر عن الرغبة في مساعدة الآخرين وتحسين سلوكياتهم، بينما تعتبر الاستشارة وسيلة لاستقاء الآراء والنظر في الأمور من زوايا متعددة. إلا أن بعض الأفراد قد يشعرون بالضيق من النصيحة، وذلك يرجع لأسباب متعددة ومتنوعة. قد يعتقد البعض أن تلقي النصيحة يتعارض مع استقلاليتهم أو يهدد مكانتهم في علاقاتهم الاجتماعية. ولذلك، فإن فهم دوافعهم يمكن أن يسهم في تعزيز التواصل الفعّال بين الأفراد وزيادة دعم المجتمع لبعضه البعض. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، تم إجراء العديد من الأبحاث التي تناولت موضوع النصيحة وكيفية تلقيها. حيث أظهرت هذه الدراسات أن هناك علاقة وثيقة بين القلق الاجتماعي ورفض النصيحة. الأفراد الذين يشعرون بالقلق الاجتماعي يميلون إلى تجنب المواقف التي تتطلب تبادل النصيحة أو المواجهة، لأنهم يشعرون بعدم الأمان في كيفية ردود أفعال الآخرين. يؤكد القرآن الكريم في العديد من آياته على أهمية النصيحة والإرشاد في العلاقات الإنسانية. في سورة الزمر، الآية 18، يقول الله تعالى: "الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ"، وهذا يعكس أهمية الاستماع إلى النصائح واستيعابها. فالمؤمن الحق هو الذي يتفاعل بشكل إيجابي مع النصيحة، ويرى فيها فرصة للتطوير والتحسين. إلا أن هناك أحيانًا من يتفاعل بشكل سلبي مع النصيحة، ويرجع ذلك إلى الكبرياء أو الأنانية أو عدم الرغبة في الاعتراف بالأخطاء. دوائر العلاقات الاجتماعية تلعب دورًا مهمًا في كيفية قبول الأفراد للنصيحة. ففي بعض الأحيان، قد يشعر الشخص أن النصيحة التي يتلقاها تشكل تهديدًا لصورته الذاتية أو لمكانته الاجتماعية. فبدلاً من أن يرى النصيحة كوسيلة للتطوير، ينظر إليها كنوع من التوجيه القاسي، مما يؤدي به إلى الدفاع عن نفسه أو حتى الغضب. لكن ما الذي يمكن أن يساعد في تحسين قبول النصيحة؟ يمكن أن يكون الفهم الجيد لأغراض النصيحة والتحسّس لمشاعر الآخرين عاملاً مهمًا. فإذا تم تقديم النصيحة بأسلوب يعبر عن الحب والرعاية، فإن الأفراد يكونون أكثر قبولًا لها. وفي هذا السياق، يجب أن يتم التركيز على تعزيز ثقافة النصيحة الإيجابية في المجتمعات، والعمل على تعزيز قيم الاحترام والتفاهم بين الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، تمثل سورة البقرة، الآية 2، تذكيرًا بأن المؤمنين هم الذين يصدقون بآيات الله ويأخذون النصائح الإلهية على محمل الجد: "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ". ذلك يعني أن الإيمان الحقيقي يستلزم الاستماع إلى النصيحة والعمل بها. ولذلك، فإن تلك الآيات تشدد على الرغبة في التعلم والاعتراف بفضل الآخرين. إن فهم السياق الاجتماعي والنفسي الذي يحدث فيه التفاعل بين الأفراد والنصائح يتطلب النظر في العوامل الثقافية والتربوية. فبعض الثقافات قد تقدر الاستقلالية والعزلة، بينما تفضل الأخرى التشاور والتفاعل الجماعي. وبالتالي، يجب على الأفراد في المجتمع أن يكونوا واعين لهذه الاختلافات، وأن يسعوا إلى تقديم النصائح بطرق تتناسب مع الظروف الثقافية والنفسية للناس. علاوة على ذلك، إن تطوير المهارات الشخصية في مجال الإرشاد والنصيحة يمكن أن يكون مهمًا. الأفراد الذين يتعلمون كيفية تقديم النصائح بشكل فعّال يمكنهم أن يصبحوا مصادر لمعلومات قيمة وتوجيهات إيجابية في مجتمعاتهم. كما أن التعليم والوعي بأهمية النصيحة والإرشاد يمكن أن يعززا من العلاقات الإنسانية ويقويانها. في الختام، يُعَدّ النصيحة والاستشارة من العناصر الأساسية التي تساهم في بناء مجتمع قوي ومترابط. لكن يجب أن نتذكر أن ليس كل شخص يتقبل النصيحة بنفس الطريقة. التحديات المتعلقة بالنصيحة تتيح لنا فرصة لفهم النفس البشرية بشكل أعمق وتطوير أساليب تساعد في تحسين التواصل بين الأفراد. وبالتالي، إن تعزيز ثقافة النصيحة والتفاهم سيؤديان بلا شك إلى تحسين العلاقات الاجتماعية والحد من التوترات التي قد تحدث بسبب سوء الفهم في بعض الأحيان. لذلك، ينبغي علينا جميعًا أن نعمل على أن نصبح مقدمي نصيحة إيجابيين وواعين، وأن نبذل الجهد لفهم مشاعر الآخرين وضغوطاتهم في هذا السياق.
في يوم من الأيام ، ذهب رجل يُدعى حسن لزيارة صديقه لمناقشة مشاكله. واستمع صديقه باهتمام ثم قدم له بعض النصائح. شعر حسن فجأة بالانزعاج معتقدًا أن صديقه يحكم عليه. ومع ذلك ، بعد بعض التفكر والنظر في نصيحة صديقه ، أدرك أن المشورة كانت بنية حسنة. تعلم حسن أنه يجب أن يستخدم النصائح كأداة للنمو الشخصي.