قد يشعر الناس في أوقات الراحة أنهم غير محتاجين إلى الله، وهذا ينجم عن الغفلة والكبرياء.
في عالمنا المعاصر، يعيش الإنسان الكثير من الأوقات التي يشعر فيها بالراحة والهدوء، وقد تتجلى هذه الأوقات في لحظات الاسترخاء البسيطة، أو حتى في فترات النجاح والتقدم الشخصي. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن هذه اللحظات قد تؤدي إلى غفلة وانشغال عن العبادة والإيمان، وهذا الشعور بعدم الحاجة إلى الله قد يكون شعورًا غير واعٍ، يمكن أن يؤثر سلبًا على حياة الفرد. الأنا والاعتماد على الذات هما من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذه الغفلة. فعندما يعيش الإنسان في حالة من الهدوء والراحة، يبدأ في الشعور بأنه قد بلغ قمة النجاح ولم يعد بحاجة للسعي للحصول على النعم أو الحماية من البلاء. وهذا ما يفتح المجال للغرور والكبر ليغمر قلبه، مما يجعل تذكر الله ورجوعه إليه أمرًا صعبًا. في القرآن الكريم، يعكس الله سبحانه وتعالى كيف ينسى الإنسان ربه عندما تخف الضغوط والكفاح. في سورة الزمر، الآية 53، نجد دعوة واضحة للعودة إلى الله، حيث يقول تعالى: "قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم. إن الذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنٌ، وأرض الله واسعة. إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب." تشير هذه الآية إلى أن الفرد يجب أن يبقى متيقظًا وواعياً بالله حتى في الأوقات التي تبدو سهلة. يجب أن ندرك حقًا أن النعم التي نحصل عليها، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، هي في الواقع هبات من الله. وفي الأوقات الهادئة، يجب أن نكون أكثر وعيًا ونشكر الله على هذه النعم. إن الدعاء وذكر الله هما طريقتان فعالتان للابتعاد عن الغفلة والأنانية، ويجب أن نمارسها بشكل منتظم، سواء في الأوقات السهلة أو الصعبة. علاوة على ذلك، تؤكد سورة العلق، الآيات 6 إلى 7، على أنه "إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى." وهذا بمثابة تذكير قوي بأن الكبرياء يمكن أن يشل الشخص عن الاستسلام لله. في فترة الراحة، قد يشعر البعض بأنه في أمان من الهواجس والقلق، مما يؤدي إلى تراجع تلك الروح العمومية المتعلقة بالصلاة والذكر. من المهم أن نذكر أنفسنا دائمًا، خاصةً في الأوقات السهلة، بأننا بحاجة ماسة إلى الله، ولا يجب أن تسمح لنا راحتنا بأن نغفل عن واجباتنا الروحية. فكلما زادت النعم، زادت المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه شكر الله. في المجمل، يجب على المرء أن يتذكر أن الأوقات التي تبدو مريحة هي فرصة لتعزيز العلاقة مع الله وتعميق الإيمان. يجب أن يتخذ الإنسان من هذه اللحظات فرصة للدعاء والمناجاة بالله، والاعتراف بأن كل ما لديه هو من فضل الله ورحمته. في القرآن، نجد العديد من الآيات التي تحث على الاستمرار في ذكر الله والدعاء له، حتى في أوقات الراحة. إذًا، علينا أن نجعل من عبادتنا عادة دائمة، تجعلنا نستشعر قرب الله في جميع الأوقات. إن القلوب التي تتذكر الله في وقت الرخاء، هي القلوب التي ستحظى برحمة الله في أوقات الضيق. وختامًا، يمكننا أن نستنتج أن الفترات الهادئة ليست فقط طقوس للراحة، بل هي أيضا فترة للنمو الروحي والامتنان. يجب أن نعزز علاقتنا مع الله من خلال العمل الصالح والذكر، وربما بل ربما أن نصبح قدوة للآخرين من خلال سلوكنا وتوجهاتنا. إذا تذكرنا الله في الأوقات السهلة، سنجد القدرة على مواجه الأوقات الصعبة بقلب مؤمن وراقي. فعلينا دائمًا أن نكون حذرين وواعين، وأن لا ندع أوقات الراحة تخدعنا، بل نتشبث بجوهر الديانة وروحها الحقيقية، التي تدعونا للتقرب من الله والثقة به في كل الأوقات.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب يدعى أمير يبحث عن السلام الروحي. كان يتذكر الله في أوقات المحن ويعود إليه في الدعاء. لكن عندما يتجاوز صعوباته، كان ينسى الله غالبًا. في يوم من الأيام، قال له شيخ حكيم: "أمير، أنت تذكر الله عندما تكون في الصعوبات، ولكن يجب أن تتذكره بإخلاص أيضًا في أوقات الراحة." جعلت هذه الكلمات أمير يتفكر وقرر أن يحتفظ بذكر الله معه في جميع الأوقات، حتى في لحظات الراحة.