قد يفر الأفراد من الحقيقة بسبب ترددهم في مواجهة المسؤوليات والتغييرات في حياتهم.
يواجه العديد من الأفراد في حياتهم حقائق ومعطيات قد تكون غير مريحة لهم. فالحقائق تكشف عن جوانب من الواقع قد تكون صادمة أو تتعارض مع ما اعتاد عليه الأفراد في حياتهم اليومية. وفي هذا الإطار، نجد أن القرآن الكريم يقدم لنا توجيهات هامة حول كيفية التعامل مع هذه الحقائق ويدعونا للتمسك بالإسلام كطريق للنور والهداية. في سورة آل عمران، الآية 19، يقول الله تعالى: "إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"، وهذا يوضح لنا أن الإسلام ليس مجرد ديانة بل هو نظام شامل للحياة يوفر لنا الإرشادات الصحيحة والحقائق المتعلقة بوجودنا. إن فهم هذه الحقائق بشكل صحيح يتطلب شجاعة ووعياً، فالكثير من الناس يمثلون هروبهم من الحقائق بحجة أنهم يخافون من التغيير. وهذا الهروب يمكن أن يكون ناتجاً عن عدة عوامل مثل الخوف من المسؤوليات المترتبة على قبول الحق، أو عدم الرغبة في التضحية بالعادات والتقاليد الموجودة. إن القلق من فقدان ما اعتدنا عليه يعوق الكثيرين عن اتخاذ الخطوة نحو القبول بالحق. فالتغيير يتطلب جهداً ويحتاج إلى تضحيات، وهذا ما يجعل الكثير من الأشخاص منفصلين على الواقع. وفي سورة يونس، الآية 45، يذكر الله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ سُنَّةُ الْمُهْلَكِينَ"، وهذا يشير إلى أن هناك سنة إلهية، وهي أن الذين يعرفون الحق ولكنهم لا يعملون به، ستؤول بهم الأمور إلى الهلاك. إن هذه الآية تعتبر تحذيرًا كبيرًا لكل من يختار الهروب من الحقيقة والتجاهل عنها، مما يعكس أهمية العمل بما نعرفه من حقائق. فالعلم وحده لا يكفي، بل يلزمه التطبيق والنقاش البنّاء. يمكن أن يرتبط الهروب من الحقائق بأسباب متنوعة تشمل الميل الشخصي، التربية، والبيئة الاجتماعية. فالتربية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل معتقدات الأفراد وآرائهم. فإذا نشأ الشخص في بيئة تحرم التفكير النقدي أو تحارب الآراء المخالفة، فتوقع منه أن يتقبل الحقائق بسهوله سيكون أمراً بعيداً. تلك المجتمعات قد تروج لثقافة القطيع، التي تمنع الأفراد من التمايز والبحث عن الحق. غالبًا ما يقع الأفراد الذين لا يستطيعون قبول الحقائق في حالة من الشك والارتياب. هذا الشك يولد عدم الاستقرار في حياتهم، حيث يفقدون بذلك شعورهم بالسلام الداخلي. يعيشون في صراع داخلي دائم ويجدون أنفسهم يبحثون عن جوهر معاني الحياة وسط زحمة الشكوك والمعوقات. وهذا الشك يمكن أن ينعكس على اتخاذ قرارات حياتهم، ويؤثر بصورة سلبية على علاقاتهم الاجتماعية. لذا، من الضروري أن نتعامل مع الحقائق بوعي وفطنة أكبر. يجب أن نكون مستعدين لمواجهة التحديات النفسية والإيمانية التي قد تصاحب قبول الحق. إن السير على الطريق الصحيح يتطلب منا تجاوز العقبات التي تزعزع إيماننا. لذلك، يجب أن نعود إلى النصوص الدينية التي تحثنا على التفكير بعمق والتساؤل حول مفاهيمنا وقيمنا. إن رفض الحقائق أو الهروب منها لا يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة. علينا أن نتحلى بالشجاعة لمواجهة الحقائق، ولهذا نحتاج إلى دراسة القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بتأمل وتفكير. فالقرآن ليس مجرد نص ديني، بل هو دليل كامل للحياة. وختامًا، إن مواجهة الحقائق تتطلب منا الجهد والإرادة. التغيير أمر صعب، ولكنه ليس مستحيلاً. علينا أن نكون مستعدين لمواجهة التحديات وتغيير مفاهيمنا بما يتوافق مع الحقائق التي كشفها لنا الدين. لنبدأ بتبني القيم الإسلامية السامية والتعامل مع الأرضيات الاجتماعية التي قد تعرقل طريقنا. ففي نهاية المطاف، السلام الداخلي والسعادة الحقيقية يكتسبان من قبول الحق ورفض الهروب منه. نحن مرغمون على اختيار الطريق الصحيح والموصل إلى الله والحق، وهو الطريق الذي يمهد لاستقرارنا النفسي وسعادتنا الحقيقية.
في أحد الأيام، التقى رجل بأحد العارفين في السوق. بينما غمره مشاكل الحياة، سأل العارف، 'لماذا أواجه الفشل دائمًا؟' أجاب العارف، 'لأنك تركز فقط على رغباتك وتبتعد عن الحقيقة. اعتنق الحقيقة وغيّر حياتك.' غيرت هذه الكلمات وجهة نظر الرجل، وقرر أن يقترب من الحقيقة من ذلك اليوم فصاعدًا.