بعض الأفراد يستغلون سلطتهم ومكانتهم لإضلال الآخرين ، بينما يفعل بعضهم ذلك بدافع الجهل ونقص الفهم.
في القرآن الكريم، يُعتبر موضوع إضلال الآخرين من القضايا المهمة التي تم تناولها بتفصيل ووضوح. فالإضلال يُشير إلى العمل على قيادة الآخرين إلى الطريق الخطأ أو التوجهات غير الصحيحة، مما قد يؤدي إلى الفساد في الدين والحياة. فالله سبحانه وتعالى وضع أسسًا لسلوكيات وأخلاقيات تعامل البشر مع بعضهم البعض، من خلال توضيح المخاطر والنتائج المترتبة على هذه الأفعال. ومن هنا، يأتي دور المؤمنين في التحذير من هذه الظاهرة والعمل على تجنبها. إذًا، ما هي الأسباب التي تجعل بعض الأفراد يقودون الآخرين إلى الضلالة؟ وكيف يمكن تجنب هذه التصرفات؟ أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع بعض الأفراد إلى إضلال الآخرين هو استغلال السلطة والمكانة لأغراض شخصية. في المجتمع، نجد أن بعض المسؤولين أو القادة يميلون إلى استخدام سلطتهم لتحقيق مصالح شخصية أو مكاسب دنيوية. وقد جاء في سورة البقرة، الآية 15، تحذير من الله للمؤمنين: 'اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ'. هذه الآية تُبرز كيف يمكن أن ينخدع الناس بوسائل وأفراد يظهرون بمظهر الصدق لكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك، مما يتسبب في إضلالهم. تتعلق هذه الظاهرة بشكل خاص بالمسؤولين الذين من المفترض أن يكونوا مثالاً يُقتدى به، ومع ذلك يستخدمون مواقعهم لتحقيق مزايا شخصية فيتصرفون بأساليب تُضل الآخرين. علاوة على ذلك، في سورة آل عمران، الآية 187، يُشير الله إلى أن الأفراد الذين يتولون مسؤوليات دينية ويخفقون في الوفاء بها يتحملون وزر إضلال الآخرين: 'وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ'. هنا، نجد دعوة مباشرة للمؤمنين لتوضيح الحقائق ونشر المعرفة بدلاً من كتمانها، حيث إن كتمان الحقائق يُعتبر إضلالاً. وهذه القضية تتطلب من العلماء والدعاة أن يكونوا متيقظين ويقوموا بدورهم في توعية المجتمع وتحقيق الفهم الصحيح للدين الإسلامي. إن عدم الصدق والتصرف بدوافع سيئة يُعدان من السلوكيات التي تؤدي بالضرورة إلى إضلال الآخرين. كما يتأثر بعض الأفراد بالجهل أو نقص الفهم، مما يجعلهم يقودون الآخرين نحو الضلال. في هذا السياق، تشير سورة هود، الآية 113، إلى هذا المعنى: 'وَلَا تَرْتَبُوا في الَّذِينَ قَدْ ظَلَمُوا'. يُظهر ذلك ضرورة التحلي بالمعرفة الحقيقية والقدرة على فهم الدين بشكل جيد، لأن الجهل من أسوأ الأسباب التي تؤدي إلى إضلال الأفراد. لذلك، يتعين على المجتمعات أن تسعى لتوفير فرص التعليم ونشر المعرفة حول الدين وقيمه الحقيقية. علاوة على ذلك، يجب على الأفراد أن يسعوا جاهدين لتوسيع معرفتهم حول الدين ومختلف المجالات، لأنه من خلال الفهم الصحيح يستطيع الإنسان التمييز بين الحق والباطل. وفي هذا الذكر، يُعد تعزيز التعليم والتثقيف من الأمور الضرورية للمجتمعات لكي تسهم في تقليل ظاهرة الإضلال. إدراك مفهوم الإضلال وتأثيره السلبي على الفرد والمجتمع يمكن أن يُحفز الناس على اتخاذ خطوات جادة لنشر الوعي وتعليم بعضهم البعض. بدلاً من الانجرار وراء التصرفات الضارة التي تُفضي إلى الضلالة، ينبغي أن نعمل جميعًا على توجيه بعضنا البعض نحو الصراط المستقيم. فالإنسان مسؤول أمام الله عن كيفية تصرفاته وتأثيراته على الآخرين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته'. ينبغي أن يتذكر المسلمون دوماً أنهم مُكلفون بإرشاد الآخرين والقيادة نحو الخير. يجب على كل فرد في المجتمع أن يُساهم في إرشاد والاعتناء بتوجيه الآخرين نحو الطريق الصحيح، خاصةً في زمن الفتنة والضياع. في النهاية، يُعَد واجب كل مسلم أن يسعى للصدق والاستقامة في حياته. يجب على الفرد أن يضع نصب عينيه أن يقود نفسه والآخرين دائمًا نحو الصواب. ومن خلال التفكر الدائم والنقاشات البناءة وتبادل الأفكار الصحيحة، يمكن توسيع دائرة الفهم والإدراك، مما يسهم في بناء مجتمع قوي ومتكاتف يتجنب الوقوع في الفتن والانحرافات. إن بناء مجتمع يكرس جهوده لنشر الخير والحق يتطلب منا الالتزام بالقيم النبيلة واخلاق الدين الحنيف. فلتكن قلوبنا ملأى بالإيمان ولنجعل أعمالنا تجلب النور والهداية لنكون جميعًا منارةً للنور، لنرشد أنفسنا وأبناء مجتمعنا إلى الطريق الصحيح، متجنبين كل ما من شأنه أن يضلنا أو يضل الآخرين. قَالَ اللهُ تعالى فِي كتابه الكريم: 'وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم جَنَّاتُ النَّعِيمِ'. لذا، لنكن دائمًا ممن يُؤدي إلى الحق، ونسعى جميعًا للفوز برضا الله ونيل الجنان. بذا، فإن الإقلاع عن الإضلال هو أساس بناء مجتمعات متماسكة قائمة على الحق والمبادئ، وهذا يتحقق من خلال تظافر الجهود وتعزيز الوعي والتربية الإيمانية في النفوس.
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب يسمى حسن يبيع الفواكه في السوق. لاحظ أن بعض العملاء امتنعوا عن الشراء بسبب عدم الثقة به. فكر حسن في كيفية كسب ثقة العملاء وقرر أن يتصرف بأمانة. بعد فترة ، أدرك أن العملاء بدأوا يثقون به ، وازدهر عمله. تعلم أن التصرف بأمانة لم يمنعه فقط من اتهام الآخرين بالضلالة ولكنه ساعده أيضًا في النجاح والتقدم.