الشعور بالظلم تجاه الله ينشأ من عدم قدرتنا على فهم حكمته في الحياة. الصبر والثبات في الأوقات الصعبة هما مفتاحان لفهم أفضل لهذه الحكمة.
قد يشعر الإنسان بالظلم تجاه الله في بعض الأحيان عندما يواجه صعوبات وتحديات في الحياة. في هذه الأوقات، قد يثار في ذهنه سؤال عميق: لماذا يحدث لي هذا؟ حيث يشعر أن الله لا يُظهر له الرحمة، أو أن مصاعب الحياة تتزايد بشكل يثقل كاهله. هذا الشعور الطبيعي في عالم تسوده الفوضى، يمكن أن ينشأ من الجهل وافتقار الفهم الصحيح لطبيعة الحياة وتصميم الله. من هنا، فإن الحديث عن مفهوم الظلم في علاقتنا بالله يعد موضوعًا مهمًا يستحق التعمق في تفاصيله. أولا، لنلقِ نظرة على طبيعة الحياة. في القرآن الكريم، نحن نتذكر كثيرًا أن الحياة لها جانب خفي يتجاوز حواسنا. قال الله تعالى في سورة آل عمران، الآية 186: "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ"، وهذا يعني أن الله تعالى قد جعل في الحياة اختبارات ومحنًا لا بد لكل إنسان أن يواجهها. وبالتالي، يتعين علينا أن نفهم أن الأحداث التي نعتبرها صعبة أو ظالمة ليست بالضرورة زائدة عن الحاجة أو غير رحيمة. فهي جزء من التجربة الإنسانية. ثانيا، في سورة البقرة، الآية 155، يقول الله: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَنفُسِ وَ الثَّمَرَاتِ ۗ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ". هذه الآية تعكس بوضوح أن الحياة مليئة بالاختبارات، ويجب علينا التحمل والثبات في الأوقات الصعبة. ويعكس مصطلح "الصبر" أهمية كبيرة في تقبل مشيئة الله والاعتراف بأن كل مصيبة قد تكون لها حكمة. عندما تواجه صعوبات في الحياة، قد يكون من السهل أن تسقط في فخ الندم أو الشكوى. لكن هذا هو الوقت الذي يجب أن نتحلى فيه بالصبر والتفكير في تجاربنا. من خلال هذا الفهم، يمكننا أن نعود إلى تعاليم ديننا ونبحث عن الأمل في الأماكن التي قد نعتقد أنها خالية من الرحمة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتباره اختبارًا لإيماننا. كما في قوله تعالى في سورة البقرة: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 153). هنا، يُشير الله إلى أهمية الثبات والمثابرة في أوقات الشدة، مما يعكس ضوءًا جديدًا على ما نعتبره ظلمًا في تلك اللحظات. من المهم أن ندرك أن مشاعرنا قد تكون توجيهًا لنا للبحث عن القوة والدعم في إيماننا. عندما نجد أنفسنا في حالات قاسية، فإن الكثير منا يتجه نحو الله في الدعاء والاستغفار، وهذا نفسه يعكس قوة الإيمان والتواصل مع الخالق. هذه العلاقات الروحية والتواصل يمكن أن تكون مصدرًا كبيرًا للقوة والعزاء في الأوقات الصعبة. من جهة أخرى، يمكن للنفس أن تشعر بالضياع عندما نقارن حياتنا بحيات الآخرين. ولكن، يجدر بالذكر أن الله تعالى قد خلق كل شخص بشكل فريد، ومن ثم فإن التجارب التي نمر بها تختلف. يستند هذا التباين على الحكمة الإلهية التي قد لا نكون قادرين على فهم تفاصيلها في تلك اللحظة. لذا، فإن الشعور بالظلم في الحقيقة هو نتيجة لعجزنا عن فهم حكمة الله وراء مسألة معينة. ومن أجل أن نتجنب هذا الشعور السلبي، ينبغي علينا تغيير منظورنا والتوجه نحو الأسئلة التي تقدم لنا دروسًا وتجارب. فعندما نبدأ في التركيز على التعلم من التحديات بدلاً من الشكوى، نجد أننا نشعر بالطمأنينة. إن الاعتراف بأن الله هو الحكيم العليم يساعدنا أيضًا على تصحيح تصورنا عن الحياة. قد تكون هناك أوقاتًا نشعر فيها بأن الألم لا ينتهي، لكن من المهم أن نتذكر أن الله تعالى لا يظلم أحدًا، وأن حكمته قد تخفى عنا. من الممكن أن يكون ما نعتبره ظلمًا هو في الحقيقة حماية لنا. ولا شك أن الضيق قد يكون منشأًا للفرج، تمامًا كما يُذكر في الأثر: "عند الضيق يأتي الفرج". إذًا، فإن الحالة التي نعتقد أنها صعبة قد تساعدنا في الوصول إلى مراحل أعلى من النضج الروحي والفكري. بالنهاية، يمكننا القول إن التجارب الصعبة ليست عقبات تعيق حياتنا، بل هي دروس تقدّم لنا الفهم الأعمق عن محبة الله وحكمته. لذا، فإذا ركّزنا بدلاً من الشكوى واليأس على فهم جذور مشكلاتنا، سنصل حتمًا إلى معرفة أعمق بمدى حب الله ورحمته. إن الحياة مليئة بالدروس المستفادة، وكل تحدٍّ يمكن أن يقودنا إلى حياة أكثر ثراءً ومنعشة. ولذلك، علينا أن نبقى متفتحين ونستعد دائمًا لاستقبال الدروس التي تقدمها لنا الحياة من خلال الإيمان والعمل الجاد.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يُدعى مهدي يبحث عن إجابات لأسئلة الحياة. لقد شعر دائمًا أن حياته مليئة بالتحديات وكان غير راضٍ عن الله. ذات يوم قال له مسن: "يواجه كل إنسان تحديات في الحياة، لكن هذه التحديات ضرورية لنمونا وتعلمنا." استطاع مهدي أن يدرك هذه النقطة وقرر أن ينظر إلى الحياة بالصبر والامتنان. بعد عدة أشهر، لاحظ أن مشاكله قد انخفضت تدريجيًا وشعر براحة أكبر.