يؤكد القرآن الكريم على تجنب الفضول حول حياة الآخرين من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان ومنع الانقسام وسوء الفهم.
إن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس للمسلمين، والذي يحتوي على تعاليم وقيم تهدف إلى بناء مجتمع متماسك ومتحاب. ومن بين هذه التعاليم المهمة التي يبرزها الكتاب، هو تعزيز الاحترام لخصوصية الآخرين والابتعاد عن الفضول في شؤونهم الخاصة. ويعكس ذلك في العديد من الآيات، ومن أبرزها الآية 12 من سورة الحجرات، التي تنبه المؤمنين على ضرورة تجنب الشكوك والافتراضات السيئة، والامتناع عن التجسس والغيبة. يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ". هذه الآية توضح بجلاء أن المؤمنين مطالبون بتجنب الظن السيء، وألا يسيروا في درب التجسس على الآخرين، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى نزاعات ومشاحنات، وبالتالي انقسامات في المجتمع. إن احترام الخصوصية لا يقتصر فقط على عدم التعرض لحياة الآخرين الخاصة، بل يتعداه إلى تقوية الروابط الاجتماعية من خلال الصدق والاحترام المتبادل. فالتجسس على الآخرين أو القيل والقال عنهم قد يكون له عواقب وخيمة على العلاقات الاجتماعية، حيث يؤدي إلى فقدان الثقة والنفاق، وهو ما يتنافى مع قيم الإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة". وهذا يدل على أن ستر عيوب الآخرين وحماية خصوصياتهم هو أمر محمود في الدين الإسلامي. فقد ضُرِبَت العديد من الأمثلة من السنة النبوية الشريفة التي تُظهر كيفية تعامل المسلمين مع بعضهم البعض، وكيفية الالتزام بالصدق وتجنب الأذى. لذلك، يجب أن نكون حريصين على أن نلتزم بهذه التوجيهات الإلهية في حياتنا اليومية. وفي الآية 164 من سورة آل عمران، يُشار إلى أهمية الحرص على ما يجب علينا معرفته وعدم الانغماس في أمور ليست ضرورية أو مفيدة. يقول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَ، وَأَقْبَلَّ عَليكم من رحمتِهِ، فَكونوا من الشاكرين". هذه الآية تدعونا إلى التفكير في استخدام معرفتنا في أمور تخدم مصلحتنا ومصلحة المجتمع، بدلاً من الانغماس في تفاصيل حياة الآخرين التي قد تؤدي إلى النزاعات والكراهية. من بين الآثار السلبية للفضول في شؤون الآخرين، نجد أن ذلك يعزز من تصورنا السلبي تجاههم. فالكثير من الأوقات، قد نُشكِّل آراءً حادة بناءً على معلومات غير دقيقة أو متحيزة. وهذا يخلق بيئة من سوء الفهم والتي قد تؤدي إلى النزاعات. إن الإسلام يدعو لبدء العلاقات بالخير والسلام، وهذا يتطلب منا أن نكون واعين لعواقب تصرفاتنا. فبدلاً من قضاء الوقت في تتبع شؤون الآخرين، علينا العمل على تحسين أنفسنا وسلوكنا. يجب علينا أن نتذكر أن التعامل الجيد مع الآخرين يعتمد على أساس من الصدق والاحترام. فإذا جعلنا من قيم الاحترام والمراعاة مطلبًا أساسيًا في المجتمع، فإننا سنعزز من تماسكه وترابطه. فعندما يشعر الناس بأن خصوصياتهم مُحترمة، فإن ذلك يشجعهم على التعامل بإيجابية مع الآخرين، مما يؤدي إلى بناء مجتمع راقٍ ومتحاب. صدر عن المؤسسات الدينية المختلفة التأكيد على أهمية التوعية بهذه الأمور، وهناك العديد من البرامج التعليمية التي تسعى لتثقيف الأفراد حول معاني وآثار القيم الإسلامية المتعلقة بالخصوصية والاحترام. فالتعليم هو السبيل الأول لنشر الوعي بين أفراد المجتمع، ويجب على الجميع المساهمة في ذلك بشتى الطرق. ختاماً، يمكن القول إن القرآن الكريم يؤكد بوضوح على أهمية احترام خصوصية الأفراد والابتعاد عن الفضول. إن تجنب الظنون السيئة والتجسس يعتبر من الأسس الهامة لخلق المجتمع المثالي. فالإنسان مُكرّم وعليه أن يُحافظ على كرامته وكرامة الآخرين. من المهم أن نتذكر أن علاقتنا مع الله تتجلى في كيفية تعاملنا مع الآخرين. لذلك، يجب أن نكون حذرين في تصرفاتنا وأقوالنا تجاه الآخرين، ونسعى دائماً لبناء مجتمع تُحترم فيه خصوصيات الأفراد، وتعم فيه المودة والإخاء.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يدعى علي كان قلقًا جدًا بشأن ظروف حياة الناس وكان من أولئك الذين أطلقوا العنان لفضولهم عن الآخرين. كان يعتقد أن هذا الفضول يمكن أن يقربه من الحقيقة. ولكن في يوم من الأيام ، صادف إحدى آيات القرآن التي علمته أن يمتنع عن الحكم والتجسس في حياة الآخرين. بعد ذلك ، بدأ في تغيير سلوكه وبدلاً من ذلك قضى وقته في تحسين نفسه ومساعدة الآخرين. لقد تعلم أن أفضل طريقة لفهم الآخرين هي احترام خصوصيتهم.