فعل الخير للآخرين يقربنا من الله ويقوي روحنا الإنسانية.
إن فعل الخير والإحسان يعد من أعظم القيم الإنسانية التي يحملها الدين الإسلامي، وهو مفهوم يتردد بكثرة في القرآن الكريم والسنة النبوية. فالإحسان لا يقتصر فقط على تقديم المساعدة المادية، بل يتعداه إلى حسن التعامل والمعاملة الطيبة مع الآخرين. ويتجلى ذلك في العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على أهمية الإحسان وفعل الخير. تأكيدًا على ذلك، نجد في سورة البقرة، الآية 267: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ..."، فهذه الآية تدعونا إلى الإنفاق مما نملكه من الطيبات، ويظهر من خلالها أهمية تقديم العطاء من خير ما عندنا. يلاحظ أن الإنفاق هنا يتطلب نية صافية، حيث يجب أن يكون الهدف من فعل الخير هو نيل رضى الله، وليس الحصول على مكافآت دنيوية. ولا يقتصر الأمر على بذل المال، بل يتعدى ذلك ليشمل جميع أنواع الإحسان، سواء كان ذلك في التعامل مع الآخرين، أو تقديم الدعم المعنوي لمن هم في حاجة، أو تقديم النصح والإرشاد. لذا، فإن لفعل الخير تأثيرًا عميقًا على حياتنا وعلى حياة الآخرين، فهو يسهم في تلبية احتياجاتهم ويساعد في تخفيف مشاكلهم، وعندما نعمل على إسعاد الآخرين، نجد أن ذلك يجلب لنا السعادة والراحة النفسية. ولما كان الإحسان للآخرين يمثل جزءًا كبيرًا من الأخلاق الإسلامية، نجد في سورة مريم، الآية 55، قوله تعالى: "وَكَانَ يُحْسِنُ إِلَى وَالِدَيْهِ"، وهنا يبرز دور البر والإحسان، ويعلمنا أن الإحسان يبدأ من طاعة الوالدين والاعتناء بهم. فكوننا نُحسن إلى أهلنا يُظهر لنا كيفية الإحسان للآخرين، فالعائلة هي النواة الأولى التي يجب أن نبدأ فيها بتطبيق قيمة الإحسان. وعندما نتحدث عن آثار فعل الخير، نجد أن هناك بركات متعددة تترتب عليه. فتقديم الخير يعزز الحب والصداقة بين الناس، ويدعم التضامن الاجتماعي. المجتمع الذي يتمتع فيه أفراده بصفة الإحسان هو مجتمع مليء بالسلام والتوافق، ويعيش فيه الناس في جو من الألفة والمودة. وعليه، يمكن القول إن فعل الخير لدى الأمم والجماعات يسهم في بناء مجتمعات متماسكة، حيث يتعاون الجميع لمواجهة التحديات والمشكلات. بالإضافة إلى ذلك، فإن من أهم آثار الإحسان هو أنه يجلب رضى الله سبحانه وتعالى. فكما ورد في سورة الواقعة، الآية 27، قال الله: "وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِهَا." وهذه الآية تبرز قيمة الإحسان بشكل يتصل بمكانة الشخص في جنات النعيم، إذ يُعد الإحسان والمساعدة للآخرين من الأمور التي يسهم الله من خلالها في رفع درجات العبد. فكلما قدمنا الخير، تزداد الفرص لنا لنيل رضا الله ونعيمه. الجدير بالذكر أن فعل الخير والإحسان لا ينحصر بين الأفراد فقط، بل يشمل أيضًا المجتمعات والدول. فالعمل التطوعي والمبادرات الإنسانية هي أشكال أخرى من فعل الخير التي تعود بالفائدة على كافة فئات المجتمع. ومن هنا، نستطيع أن نستنتج أن الخير هو صفة مشتركة ينبغي أن تسود في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. في نهاية المطاف، يمكن القول إن فعل الخير والإحسان يعدّ ضرورة ملحّة في حياتنا. يبدأ من النية الصافية القلبية، ويشمل كافة جوانب التعامل الإنساني، مما يؤدي إلى بناء مجتمع مليء بالمحبة والعطاء. فعل الخير يسهم في تغيير الواقع للأفضل، ويجعل العالم مكانًا أفضل للعيش. نستخلص من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن علينا أن نكون قدوة في فعل الخير، وأن نحرص على نشر هذه القيمة بين الآخرين لنصل معًا إلى رسالة سامية تسهم في هدوء المجتمع وكماله. فعل الخير ليس مجرد عمل، بل هو أسلوب حياة نستمده من تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعونا دائمًا إلى الإحسان والتراحم.
في يوم من الأيام بجوار النهر، شوهد شخص يُعلّم مجموعة من الأطفال. كان يسعدهم بمشاركة المفاهيم الجيدة معهم، وكان الأطفال يستمعون إليه بشغف. قال: 'كلما ساعدت شخصًا، أنت في الحقيقة تساعد نفسك.' تركت هذه العبارة تأثيرًا عميقًا على الأطفال. في ذلك اليوم، تعلموا أن فعل الخير للآخرين لا يجلب فقط الفرح للآخرين، بل يجلب أيضًا بركات وخيرات لأنفسهم.