تساعد الخدمة المخلصة في إرضاء الله ونمو أخلاقي وروحي الأفراد.
إن خدمة الآخرين بإخلاص ولإرضاء الله تُعد واحدة من المبادئ الأساسية في الإسلام. يُبرز هذا المبدأ القيمة السامية للنية الطيبة في التعامل مع الآخرين، فقد جعل الله سبحانه وتعالى من النية أساسًا لكل عمل يتقرب به العبد إلى ربه. وهذه المسألة ليست مجرد قناعة فكرية أو أخلاقية، بل هي محور أساسي يجعل من حياة المسلم حياة مليئة بالخير والعطاء. لقد أعطى القرآن الكريم أهمية خاصة لهذا المبدأ الهام. في سورة البقرة، الآية 177، يقول الله: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء." توضح هذه الآية أن النية وراء الأفعال يجب أن تكون قائمة على الإيمان والعبادة. فليس البر في مجرد الحركات الظاهرة، بل في ما يخفيه القلب من صدق الإيمان. إن الإخلاص في الخدمة يعني أن الفرد يجب أن يؤدي واجباته بنية إرضاء الله، وليس طلباً للاعتراف من الآخرين أو لتحقيق منافع شخصية. وقد ذُكِر في سورة مريم، الآية 60، أنه لا شيئ سوى ما تم فعله بنوايا نقية سيفيد البشرية. العمق والمعنى في هذا القول يزيد من وضوحها قيمة النية النقية، حيث أن الأفعال التي لا ينوي بها الشخص إرضاء الله تعتبر ضعيفة ولا تؤتي ثمارها. الخدمة للآخرين في الإسلام تعتبر عبادة حقيقية، فخدمة الناس تعد بمثابة وسيلة لتقرب العبد من الله، وتكسبه رضاه. إن الله لا ينظر إلى أفعالنا فقط بل إلى نياتنا، وهذا ما يجعل من الخلافة في هذه الأرض عبادة. فكلما كانت النية خالصة لله، اقترب العبد من الله وارتقى في درجاته. بالإضافة إلى ذلك، في سورة آل عمران، الآية 92، يُذكر: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون." تبرز هذه الآية ضرورة النية النقية في الخدمة. لقد جعل الله الإنفاق من الأشياء التي نحبها دلالة على صدق النية في تقديم الخدمة للآخرين. فالمسلم الصادق هو من يقدم ما هو غالي عليه في سبيل خدمة الآخرين. تعتبر خدمة الآخرين خطوة مهمة نحو التغلب على الأنانية، وتعزيز النمو الأخلاقي والروحي. فالعطاء هو أسلوب حياة يتعلمه المسلم منذ نعومة أظافره، ويمارسه في حياته اليومية، مما يخلق مجتمعات تتصف بالتعاون والتكافل. من خلال خدمة الآخرين، ينمي المسلم صفات الرحمة، والعطف، والكرم، والتي هي جميعًا تعاليم إسلامية نبيلة. فالخدمة تأخذ شكل التضحية بالوقت والجهد بل وحتى المال من أجل راحة الآخرين، مما يعكس صورة مشرقة عن الروح الجماعية والاخوة الإنسانية. إن تطوير الذات من خلال خدمة الآخرين يُعد نقطة تحول في حياة الأفراد. عندما يسعى الإنسان لتقديم العون للآخرين، يكتسب مهارات جديدة، ويزيد من تقديره لذاته، ويشعر بتحقيق الأهداف الرفيعة. وبالتالي، تكون الخدمة للآخرين ليست فقط فرض ديني بل هي أيضاً وسيلة للإبداع والنمو الشخصي. في المجمل، خدمة الآخرين بنية خالصة ليست فقط مبدأ هام في الإسلام، بل هي وسيلة لتحسين أحوال الأفراد والمجتمع. إن قدرة الشخص على التجاوز عن نفسه والإقدام على فعل الخير تنعكس بشكل ملموس على المجتمع الذي يعيش فيه، إذ أن المجتمعات التي تسود فيها ثقافة الخدمة والعطاء تكون قادرة على مواجهة التحديات وحل الأزمات بشكل أفضل. إن تجارب الحياة تعلّمنا أن الرضا الداخلي والسعادة تنبعان من العطاء، وأن الإنسانية لا تزال تحتفظ بأسمى معانيها من خلال أفعال الخير. فعندما نُعطي ونخدم الآخرين، نُثري عالمنا بالحب والتعاطف، ونُعزز مفهوم التواصل الإنساني الذي يُعد من أساسيات الحياة الاجتماعية. ختامًا، يجب أن نتذكر دائمًا أن الإخلاص في الخدمة هو مرضاة لله، فالعطاء بلا حسد ولا منّ هو الذي يجعل للإنسان مكانة سامية عند الله. لنحرص على أن تكون نوايا أعمالنا نابعة من رغبة حقيقية في إرضاء الله، حتى تكون حياتنا قريبة من الفلاح والنجاح. فكل عمل من أعمال الخير يعود علينا بالفائدة، ويُضيء دروبنا نحو سعادة دائمة ورضا إلهي.
في يوم من الأيام، كان شاب يدعى حسن يبحث عن الرضا والسلام في حياته. قرر التركيز على احتياجات الآخرين وكان حريصًا على معرفة كيف يمكن أن يكون مفيدًا. ذهب حسن إلى منظمة خيرية وبدأ في مساعدة المحتاجين. في كل مرة كان يساعد فيها شخصًا ما، كانت تظهر في قلبه شعور لطيف، ومع مرور الوقت أدرك أن حياته تتحسن بفضل هذه الأعمال الصغيرة من الخدمة. أدرك أن الخدمة المخلصة لا تعود بالنفع على الآخرين فقط، بل تعزز أيضًا رضا نفسه الداخلي.