هل يقبل الله دعاء من يساعد الآخرين؟

في القرآن الكريم، نجد أن العديد من الآيات تؤكد على أهمية مساعدة الآخرين وفعل الخير. إن هذا المفهوم لا يقتصر فقط على أفعال خيرة وتصرفات إنسانية، بل يعتبر جزءاً أساسياً من الإيمان Islam وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إن فعل الخير يمثل جوهراً للروح الإنسانية، ويتجاوز الزمان والمكان ليجمع بين القلوب في روابط تضامن وتعاون. هذا ما يفسر تكرار الإشارة إلى أهمية الخير في الآيات القرآنية، حيث يجد المؤمنون في هذه التوجيهات مصدر إلهام قوي لتطوير الذات والمساهمة في بناء مجتمع أفضل. واحدة من الآيات البارزة التي تشير إلى أهمية الإحسان هي الآية 177 من سورة البقرة، حيث يقول الله تعالى: 'ليس البر بأن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب.' إن هذه الآية توضح بجلاء أن الإحسان ومساعدة الآخرين هي قيم أساسية في الإسلام، وقد تكون لها علاقة مباشرة بقبول الدعوات. إن البر هنا لا يعبر فقط عن الطقوس التي يمكن أن نقوم بها مثل الصلاة والصيام، بل هو مجموعة من القيم التي يجب أن يتحلى بها المسلم. فنجد أن من يؤمن بالله وبالآخرة، يسعى جاهدًا لمساعدة أهل حاجتهم، كالأيتام والمساكين وابن السبيل. وهذا يشير إلى الارتباط العميق بين الإيمان والأعمال الصالحة، حيث يتطلب من المؤمنين أن يكونوا نشيطين في إظهار الرحمة والكرم تجاه الآخرين. علاوة على ذلك، يأتي في سورة المؤمنون، الآية 61، إشارة واضحة تعتمد على رحمة الله: 'إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون'. إذ يُعبر الله عن أن أولئك الذين يفعلون الخير للآخرين سيكونون من عباده الذين ينالون رحمته. وهذا يُظهر القيمة الكبرى للعمل الخيري، حيث يُعتبر وسيلة لجذب رحمة الله وبركاته. إن الفعل الخيري لا يتوقف عند حد مساعدة الناس بل يكون له أثر عميق في علاقة العبد بربه. كما أن الأحاديث النبوية تؤكد التوجهات القرآنية حول أهمية فعل الخير. فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: 'أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.' إن معنى هذا الحديث يعكس ببساطة أن من يسعى بجد لإفادة الآخرين يعتبر الأقرب إلى الله. فالأعمال الخيرية ليست فقط وهمًا لأسلمة المجتمع بل أساسٌ لتقوية الروابط الاجتماعية والإخاء. وعلاوة على ما سبق، تشير بعض الروايات عن النبي وأهل البيت إلى أن الدعوات التي تُبذل لصالح الآخرين وبالأخص عند مساعدتهم، تكون أكثر احتمالاً لتكون مقبولة. فالكرم النابع من القلب الطاهر ينظر إليه الله تعالى بعين الرحمة، كما أن الإحسان يسهم في تحسين أحوال الناس ويساعد في انتشار الخير في المجتمع. عندها يمكن للفرد أن يُدرك أن اتخاذ هذه القيم مسارًا للحياة، يستطيع من خلاله أن يحقق رضا الله. إن أهمية العمل الخيري ومد يد العون لا تقتصر على تلقي الثواب في الآخرة فقط، بل تسهم أيضًا في بناء مجتمع متماسك وقوي. وفي ظل الأزمات والمصائب التي تضرب المجتمعات، يظهر دور الخير بصورة أوضح. إذ يحتاج الناس إلى التعاطف والدعم، وفي تلك اللحظات، يكون الأجر مضاعفًا. فالشخص الذي يُعطي وقتًا ومالًا لمساعدة الآخرين، ينشر الفرح والأمل، مما يعود عليه بالخيرات في الدنيا والآخرة. ولكن، يجب أن نتذكر أن فعل الخير لا يقتصر على تقديم المساعدة المادية فقط، بل يشمل أيضًا الأفعال الصغيرة التي تُعبر عن اللطف والرعاية. فعند الابتسامة، أو الكلمة الطيبة، أو تقديم النصيحة، كلها تُعتبر أعمال خير تعكس الروح الإنسانية. لذلك، ينبغي للمؤمن أن يسعى لتوسيع دائرة عمله الخيري سواء من خلال الانخراط في المنظمات التطوعية أو بمبادرات فردية. وفي ختام المقال، نجد أن مساعدة الآخرين ليست مجرد واجب ديني بل هي أسلوب حياة يُعزز القيم النبيلة. إن الرحمة والعطاء هما السبيل إلى تقرب العبد من الله، ولهذا نرى أن التذكير بأهمية فعل الخير في القرآن الكريم والأحاديث النبوية هو دعوة للجميع أن يسيروا في طريق الخير والعطاء. لذا، يجب على المسلم أن يُظهر التزامه بفعل الخير وأن يسعى دائمًا لتقديم المساعدة لمن يحتاجها، سواء كان ذلك من خلال الأعمال الخيرية أو لتعزيز الروابط الإنسانية. فعندها، يمكن أن يقبل الله دعوات الذين يساعدون الآخرين برحمة وفضل أكبر.