النظر إلى المحرمات يجعل القلب يغفل عن الله، وفي الواقع، قد يميته.
يُعتبر النظر من الأمور الحيوية التي تندرج تحت دائرة الأخلاق السلوكية في الإسلام. وقد أكد القرآن الكريم والنصوص الدينية على أهمية نظر الإنسان، حيث يُعدّ النظر نافذة تعكس ما في القلب والأفكار. إن ما ينظر إليه الفرد يُحَدِّد مسار حياته ويؤثر بشكل مباشر على سلوكه وأخلاقه. وقد أشار الله تعالى في محكم آياته إلى اليوم الذي سيحاسب فيه الناس على أفعالهم، مما يجعل من الضروري الالتفات إلى ما ينظرون إليه. في سورة النور، الآية 30، يأمر الله المؤمنين بخفض أبصارهم والحفاظ على عفتهم، إذ قال: 'قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم'. وهذه الآية ليست مجرد توجيه بل تعكس مفهومًا عميقًا حول الكيفية التي يمكن أن يؤثر بها النظر على الروح والجسد. فقد فُرِض على المؤمنين أن يضبطوا أبصارهم، وهذا يعكس مسؤولية الفرد تجاه ذاته وتجاه المجتمع. إن هذه التوجيهات لا تأتي من فراغ، فالنظر إلى المحرمات لا يؤدي فقط إلى التسبب بفتنة في النفس بل يُعد من أسباب ضياع العفة والطهارة. وعلى هذا الأساس، فإن الإمام علي (عليه السلام) قد ذكر أن الرغبة والنظر إلى المحرمات يؤدي إلى ظلمة القلب ويُعدِّه في حالة من الحزن والاختناق الروحي. فإنه في الواقع، يمكن أن تؤدي النظرة المحرمة إلى ابتعاد الإنسان عن الطريق المستقيم، وتجعل قلبه مريضًا وغير قادر على الاستجابة لنداء الله. عندما يستمر الإنسان في النظر إلى ما هو محرم، فإن ذلك يمنعه من التوجه إلى الله وذكره. يُعتبر القلب في هذه الحالة كالشجرة الجافة التي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام، وفي غياب ذلك، فإن القلب يموت روحيًا. لذلك، الإنسان ملزم بالبحث عن الأسباب والوسائل التي تعيد إليه الحياة الروحية، ومن ذلك الابتعاد عن المحرمات ونظرات الشهوة. تتعلق هذه القضية ليس فقط بالجوانب الإلزامية للدين، بل تمتد إلى صحة روحنا وتجربتنا الحياتية. إن العين تُعتبر من أهم الحواس التي تؤثر على كل جوانب الحياة، فهي المدخل نحو المعرفة والتجربة. لذلك، يجب أن يكون نظرنا مليئًا بالأشياء التي تُعيد الحياة لقلبنا وتنمي من وعينا الروحي. من خلال الوعي نحو ما يُحيط بنا، يمكن للإنسان أن يختار أن يُدير نظره نحو جماليات الحياة، نحو العلوم والفنون، والنضال من أجل العدالة، وكل ما يُعزز من عظمة الإيمان والخلق الحسن. وهذا يعطي أثرًا عميقًا على النفس حيث يعمل على بناء شخصية قوية قادرة على مواجهة تحديات الحياة بما يتفق مع القيم الدينية. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 'إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى'. وهنا يتضح أهمية النية في كل عمل ينوي القيام به الفرد. وفي مجمل الحديث، يتعين على المسلم أن يُفكِّر في نظره، وأن يدرك أنه بداية لكل عمل. ولذا يجب على كل إنسان أن يُراقب نظره ويصرفه في مسار مُشرف ومُفيد. في نهاية المطاف، يُحسن للمرء أن يُسلط الضوء على هذه القضية الحياتية، ويكون واعيًا للمسؤولية التي يحملها. فإن النظر ليس مجرد فعل انساني بل هو جُزء من شخصية الفرد واعتباره الاجتماعي. يجب أن يشعر كل منا بأن نظره يجب أن يكون مصدراً للخير والجمال والتقوى. وباختصار، فإنه من الضروري على كل إنسان أن يتحلى بوعي ومسؤولية تجاه نظره، وأن يسعى دائمًا نحو ما يُحيي القلوب ويرفع من قيمتها، حتى يتمكن من بناء حياة مليئة بالسلام والهدوء الروحي والسعادة. إن بإمكان النظر الحذر والطاهر أن يفتح بابًا جديدًا للحياة الإيمانية، ويُعزز من العلاقات الروحية والاجتماعية الأسمى.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يُدعى حسن يتمشى وفجأة رأى مشهدًا غير لائق. شعر فجأة بالقلق والانزعاج بداخله. تذكر الآية القرآنية التي تأمر بخفض البصر. بعد ذلك قرر حسن الاقتراب من الله والعمل على تعزيز إيمانه. بدأ في التذكر والصلاة يوميًا، وشعر بسلام كبير في قلبه.