يجب أن يتماشى حب الذات الحقيقي مع الإيمان، واحترام الآخرين، والنظر في احتياجاتهم.
تتطرق العديد من النقاشات الفكرية والنفسية إلى مفهوم حب الذات، وهو موضوع قد يبدو للوهلة الأولى متعارضًا مع العديد من المبادئ الدينية. ومع ذلك، يمكننا أن نستنتج أن حب الذات، بمعناه الإيجابي، ينسجم تمامًا مع تعاليم الإسلام. يدعونا القرآن الكريم إلى تقدير قيمتنا كأفراد في المجتمع، مما يساعدنا على التعرف على أنفسنا بشكل أفضل ويفتح لنا آفاق التفكير حول حياتنا واحتياجاتنا. من الواضح أن الإسلام ليس ضد حب الذات، بل يشجع على تطوير صورة إيجابية للنفس، شرط أن يكون ذلك ضمن إطار الاحترام للآخرين والاعتراف بحقوقهم. يعلمنا القرآن الكريم، على سبيل المثال، عن أهمية تقدير النفس من خلال آيات تدعو إلى الاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية. في سورة الحجرات، خاصة في الآية 11، يأتي التأكيد على عدم السخرية من الآخرين لأنهم قد يكونون أفضل أو أكثر قيمة. يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ". هذه الآية ليست مجرد دعوة لتجنب السخرية بل هي دعوة لتقدير كل فرد على حدة، مما يستدعي تعزيز قيمة حب الذات بطريقة تتماشى مع احترام الآخرين. كذلك، نجد في سورة آل عمران، في الآية 92، ما يؤكد على ضرورة المشاركة وعطاء ما نعتز به، فيقول الله: "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ". تُبرز هذه الآية أن العطاء والمشاركة مع الآخرين هي الطريق الحقيقي للوصول إلى الخير. لذلك، يمكن القول إن حب الذات ليس مجرد شعور بالوحدة أو الأنانية، بل هو مفهوم شامل يتضمن حب النفس بينما نكون في حالة من الوعي بصالح الآخرين واحتياجاتهم. إن حب الذات يُعتبر جزءًا أساسيًا من الصحة النفسية، وقد أكدت الأبحاث النفسية الحديثة على أن كلاً من الاعتناء بالنفس وتقدير الذات يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالسعادة وجودة الحياة. عندما يسعى الفرد لحب نفسه وتقديرها، فإنه سيكون أكثر قدرة على الحب والعطاء للآخرين. وفي هذا الإطار، يشدد علماء النفس على أهمية تطوير مهارات احترام الذات وتعزيز الثقة بالنفس بصورة تتماشى مع القيم الإنسانية والإسلامية. عندما نتحدث عن حب الذات من منظور ديني، نجد أن التعاليم الإسلامية تتطلب منا التوازن. يجب أن نعمل على بناء صورة إيجابية عن أنفسنا، لكن يجب أيضًا أن نتجنب الأنانية المفرطة التي قد تؤدي إلى تجاهل الآخرين. يجب أن نكون واعين بأن حب الذات يجب أن يكون مستوحى من الإيمان وتعاليم القرآن، بحيث نستمر في إحترام حقوق الآخرين والسعي من أجل مساعدتهم. من الجدير بالذكر أن حب الذات المعتدل له فوائد عديدة. فهو يُساعد على بناء علاقات متينة وصحية مع الآخرين، مما يسهم في إنشاء مجتمع متعاون ومتناغم، يشارك أفراده القيم والمبادئ الإنسانية. وبدلاً من النظر إلى حب الذات كعمل أناني، ينبغي لنا أن نعتبره خطوة أولى نحو الانفتاح على الآخرين وفهم احتياجاتهم. فالذي يحب ذاته ويُقدرها هو شخص قادر على التفاعل مع محيطه بطريقة إيجابية، مما يعود بالنفع على الجميع. علاوة على ذلك، يجب أن نكون مدركين للفرق بين حب الذات الصحي والمشوه. يجب أن نستثمر في أنفسنا وأن نعزز من قيمتها، لكن ليس على حساب الآخرين أو بالتحول إلى أشخاص أنانيين. إن رسالتنا كمسلمين هي تعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية، وعدم السماح لحب الذات بأن يتحول إلى شهوة تسبب الأذى للآخرين. في الختام، يمكن القول بأن حب الذات، في مفهومه الصحيح، يمكن أن يتوافق تمامًا مع التعاليم الإسلامية. إن حب الذات يجب أن يترافق دائمًا مع الاعتناء بالآخرين، حيث يشكل التوازن بين هذين العنصرين مفتاحًا للحياة السعيدة والمزدهرة. يجب أن نستمر في البحث عن طرق لتعزيز حبنا لذاتنا، وبنفس الوقت يجب أن نكون على استعداد لتقديم المساعدة والدعم للآخرين، وهذا هو جوهر الإسلام الذي يدعونا إلى المحبة والتعاطف.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب اسمه أحمد غير راضٍ عن حياته. قرر أن يركز على نفسه ويفهم مشاعره. بعد قراءة آيات القرآن، أدرك أنه يجب أن يحب نفسه ولكن أيضًا يهتم بالآخرين. بدأ في مساعدة الضعفاء وال needing و فجأة، عاد إحساس الرضا والسلام إلى حياته.