يؤكد القرآن أن الثروة هي مسؤولية وأنه يجب تقديم المساعدة للمحتاجين.
يولي القرآن الكريم اهتمامًا خاصًا لقضية الفقر والثروة، حيث يُعتبر هذا الموضوع من الأسس المهمة في بناء المجتمع الإسلامي السليم. وقد أدرجت آيات القرآن إرشادات واضحة حول كيفية التعامل مع النعم والثروات، وهذا يعكس الوعي الاجتماعي الذي يميز الشريعة الإسلامية. إن القرآن الكريم لا يعامل الثروة كمصدر للسلطة أو الهيمنة، بل ينظر إليها كأداة يجب توظيفها في خدمة الإنسانية، مما يُعزز من قيمة التوازن الاجتماعي والعدل. في سورة البقرة، تتجلى هذه القيم في الآيات 267 إلى 273، حيث يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأن "ينفقوا من الطيبات التي كسبوا منها وما أخرجنا لكم". هذه الآية تذكّر الناس بأن الثروات التي اكتسبوها ليست ملكًا لهم فحسب، بل هي أمانة من الله يجب عليهم المحافظة عليها واستغلالها في سبيل الخير. وبالتالي، ينطلق مفهوم الإنفاق من كونه واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا، بل يضيف إلى ذلك أهمية الإعلام بأن الطيبات التي تُنفق ليست فقط ما يعتبره الفرد غير مرغوب فيه، بل تشمل كل ما هو طيب ومحبب. وهذا يشير إلى أهمية التحلي بالكرم والسخاء، كجزء من تعاليم الإسلام. علاوة على ذلك، نجد في سورة آل عمران، الآية 92، التي تتحدث عن مفهوم الإنفاق، قول الله: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون". فهذه الآية تُشدد على أهمية الحب والإيثار في العطاء. فعندما يُطلب من المؤمنين أن يُنفقوا مما يحبون، فإن ذلك يعكس إيمانهم العميق ورغبتهم الصادقة في مساعدة الآخرين. فالإيثار لا يُظهر فقط مدى التزام الفرد بقيم الإسلام، بل يُعزز أيضًا من العلاقة بين الأفراد داخل المجتمع، حيث يتضافر الجميع لبناء مجتمع متكافل ومتكامل. وبالتالي، يظهر كيف أن العطاء يجعل من المؤمنين نماذج يحتذى بها في الإخلاص والنزاهة. وفي سياق آخر، تأتي سورة الحشر، الآية 7، لتؤكد على أن الثروة لا ينبغي أن تتداول فقط بين الأغنياء، بل يجب أن تصل أيضًا إلى الفقراء والمحتاجين. تشير هذه الآية إلى أهمية العدالة في توزيع الثروات، حيث يُعتبر هذا المبدأ أساسًا لبناء مجتمع يعود بالنفع على جميع أفراده. إن الإسلام لا يعفي الأغنياء من واجبهم تجاه الفقراء، بل يُلزمهم بمشاركة ما لديهم، مما يسهم في تقليل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. من خلال ذلك، يعكس القرآن الكريم ضرورة تحقيق التوازن الاجتماعي وتجسيد مفهوم العدالة. يتجذر هذا المفهوم في فريضة الزكاة، حيث ينص الإسلام على وجوب إخراج جزء من الثروة لمساعدة المحتاجين والفقراء. كما يوضح القرآن بجلاء أن الثروة ليست فقط نعمة بل هي أيضًا مسؤولية، حيث يتحمل المؤمنون عبء إدارتها بطريقة تُفيد الجميع. ويحدث ذلك من خلال الالتزام بالزكاة كوسيلة لتعزيز التكافل الاجتماعي. إن المشاركة في بناء المجتمع ليست مجرد واجب، بل هي قيمة إنسانية تتجاوز الحواجز الاجتماعية والاقتصادية. كما يُشدد القرآن على أهمية العطاء في إطارين: الأول هو الإيفاء بالواجبات تجاه الله، والثاني هو تحقيق السعادة لمن حولنا. وفقًا للإرشادات القرآنية، يجب على المسلمين استغلال ثرواتهم في سبيل الله ولتحسين حياة الآخرين، ليكونوا جزءًا من عملية البناء التشاركي التي تهدف إلى تحقيق الرفاهية للجميع. وبذلك، فإن القرآن الكريم يدعونا جميعًا إلى التفكير عميقًا في كيفية التعامل مع النعم التي نتمتع بها. يجب علينا أن نستوعب بأن الثروات التي لدينا ليست مجرد أداة لدعم أسلوب حياتنا، بل هي مسؤولية اجتماعية تتطلب منا الوعي الكامل بأهمية إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتنا. كما يدعو القرآن في آياته الكريمة إلى إعطاء كل ذي حق حقه، وأن الثروة الحقيقية تكمن في الرضا وفي خدمة الآخرين، بدلاً من التراكم الوفير لمجرد تلبية الرغبات الفردية. في الختام، يُعتبر الفقر والثروة موضوعين ترسخان أسس المجتمع الإسلامي. يُبرز القرآن الكريم العطاء كطريق للحصول على سعادة نفسية ونجاح اجتماعي دائم، مما يتطلب من الفرد التعهد ببذل أقصى الجهود لتحقيق التوازن ومساعدة المحتاجين. وبهذا، يتحقق النماء الاجتماعي والعدالة التي ينشدها الإسلام، مما يُظهر أن القيم الإنسانية النبيلة هي القادرة على توحيد المجتمعات وتحقيق الرفاه للجميع.
في أحد الأيام ، كان رجل غني يبيع في السوق وكان فخورًا بثروته. طلب منه فقير المساعدة ، لكنه رفضه بنظرة ازدراء. بعد فترة ، أدرك ذلك الرجل الغني أن المال لا يمكنه شراء السلام والسعادة. ثم قرر تكريس جزء من ثروته لمساعدة المحتاجين. تذكّره للسلام والفرح الذي حققه من خلال صدقاته من خلال الآيات القرآنية التي تقول: 'أنفقوا مما تحبون لتنالوا البركة'.