يحدد القرآن البخل كصفة مذمومة ويؤكد على الكرم في سبيل الله.
يتناول القرآن الكريم بوضوح مسألة البخل ويعتبرها من الصفات المذمومة لدى الإنسان، فقد تم ذكر البخل في العديد من الآيات القرآنية، وهذا ما يدل على أهمية هذا الموضوع في حياة المؤمن. في سورة البقرة آية 268، جاء: 'الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم'. هذه الآية تشير بوضوح إلى أن الشيطان يسعى لإثارة الخوف في قلوب الناس من الفقر، في حين أن الله يعدنا بالمغفرة والفضل. وهذا يدعونا للتأمل في أن الخوف من الفقر هو أحد الأسباب الرئيسية التي توصلنا إلى البخل، حيث نخشى أن تنقص أموالنا ومواردنا إذا أنفقنا في سبيل الله. ومن المهم أن نفهم أن البخل لا يؤثر فقط على حال الأفراد، بل يمكن أن يمتد تأثيره إلى المجتمع بأسره. فعندما يكون هناك جماعة من الناس تبخل على الآخرين وتخاف من العطاء، فإن ذلك يؤدي إلى انتشار الفقر والحاجة في المجتمع، مما ينعكس سلبا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية. إن التربية على الكرم والعطاء يجب أن تبدأ من المنازل والبيئات التعليمية، حيث يتعلم الأبناء أهمية البذل والعطاء في سبيل بناء مجتمع متماسك ومؤمن. وأيضًا في سورة آل عمران الآية 180 نجد: 'ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم، بل هو شر لهم'. هذه الآية توضح لنا أن البخل يعود بالضرر على الشخص، بل إنه قد يؤدي إلى فقدان البركة في المال. أما الكرم والسخاء، فيجلبان الفائدة والسعادة للمنفق والمجتمع بشكل عام. وعندما نتحدث عن الإنفاق في سبيل الله، فإنه يشمل الكثير من المجالات، سواء كانت صدقة أو مساعدة الآخرين في أوقات الحاجة. وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على التصدق وتحفيز الآخرين لفعل الخير، حتى يصبح الإنفاق جزءاً من ثقافة المجتمع. وتوجد العديد من الآيات الأخرى التي تدعو إلى الإنفاق والعطاء في سبيل الله، مما يبرز الثناء والتشجيع على الكرم ومساعدة الآخرين. ولعل من أبرز هذه الآيات قوله تعالى في سورة الذاريات: 'وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه'. فالله يعدنا بأن ما ننفقه في سبيله سيعود علينا بالبركة والخير. في الواقع، يعلمنا القرآن أن البخل لا يضر الآخرين فحسب، بل يؤثر أيضاً على الشخص نفسه ويعتبر أحد الأسباب الرئيسية للشعور بعدم الرضا في الحياة. إن الخوف من فقدان المال وعدم الثقة في الله قد يلقي ظلالًا من الشك والألم على حياة البخيل، بينما المنفق يجد سعادة ورضا لا يمكن قياسهما. يجب أن نتذكر أن الإنفاق في سبيل الله يجلب بركات كثيرة ويساهم في رضا الله وسلامنا في الحياة. الأعمال الخيرية تعزز من الروابط الاجتماعية وتجعل المجتمعات أكثر تعاوناً وتماسكاً. وزيادة المحبة بين الأفراد تساهم في بناء مجتمعات قوية تسود فيها مشاعر الألفة والمودة. من خلال ما تقدم، يتضح لنا أهمية الكرم بمجمله كصفة حسنة تتجاوز الفرد إلى ما هو أعظم. فعندما نتبنى القيم الإيجابية للبذل والعطاء، فإننا بذلك نعمل على تحسين ذاتنا ونساهم في تحسين مجتمعنا. إن الإخلاص في العطاء، سواء كان مادياً أو معنوياً، يجلب الخير للمنفق ولمن حوله. ليس من السهل أن نتجاوب بالعطاء في زمن يصعب فيه التضحية، لكن كما نعلم، المؤمن الحق هو الذي يستجيب لدعوة الله ويتيقن بأن الخير كله في معيته. لذا، فلنجعل من البذل والعطاء سلوكاً يومياً في حياتنا. لا نسمح للبخل أن يتسلل إلى قلوبنا، بل نكون كرماء ونسعى لتحقيق السعادة لأنفسنا ولمجتمعاتنا.
في يوم من الأيام، كان صديقان يجلسان في حديقة. قال علي: 'أنا دائماً أشعر بالقلق بشأن المال وأخاف من الإنفاق.' رد حسن: 'البخل لا يضرّك فقط، بل يأخذ البركات منك أيضًا.' فكر علي في كلمات حسن وقرر أن ينفق أكثر. بعد بعض الوقت، لاحظ علي أن حياته قد تحسنت، وأصبح يشعر بسعادة وسلام أكبر.