يؤكد القرآن الكريم على اللطف تجاه الجيران ويعتبر السلوك الجيد نحوهم واجبًا أخلاقيًا.
يعتبر التعامل مع الجيران من القضايا الأساسية في المجتمع الإسلامي، حيث أنه يعكس القيم الأخلاقية والإنسانية التي دعا إليها الدين الإسلامي. الجوار يمثل منطلقًا للعديد من السلوكيات الاجتماعية، وهو يتعدى مجرد مفهوم القرب المكاني ليشمل بناء علاقات إنسانية قائمة على التعاون والمحبة. فالمسلمون ينظرون إلى الجيران كجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية، ولذلك فإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قد أوصيا برعاية الجيران وحفظ حقوقهم. عُرفت العديد من السور القرآنية التي تعكس هذه القيم، ومن أبرزها سورة النساء، حيث ورد في الآية 36: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُمْ أَشْيَاءُ فِي الْمَكَامَاتِ المختلفة وَاهْدُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ}، مما يشير إلى أهمية اللطف والرحمة في العلاقات الجوارية. تأتي هذه الآية لتؤكد على وجوب تقديم المودة والإحسان للجيران، لأن هذا إذا تحقق، سيسود داخل المجتمع شعور من التعاون والإخوة. إن التباهي بالحقوق الجارة يعتبر جزءًا من المحبة والتكافل الاجتماعي. ليس من الضروري أن يقتصر هذا النوع من التفاعل على تقديم المعونة في الأوقات الصعبة، بل يمتد ليشمل الاحترام، والتقدير، واللطف في التعامل، وهذا جزء لا يتجزأ من ديننا الحنيف. وعلاوة على ذلك، نجد في سورة الأنعام، في الآية 151: {يَدْعُوكُمْ لِتَشْكُرُوا عَلَى النِّعْمَةِ التي تَفَضَّلْتُم بِهَا عَلَى جِيرَانِكُمْ}، دعوة للامتثال بالأخلاق الحميدة التي تتضمن التعامل الحسن مع الجيران. تبرز هذه الآية حقيقة أن إهمال حقوق الجيران قد يؤدي إلى زيادة الفساد والشرور في المجتمع. هذا يبرز أن كل فرد في المجتمع يتحمل مسؤولية حقيقية تجاه من يعيشون بجانبه، ويشجع أيضًا على بناء بيئة تتسم بالتفاهم والتعاون. إن الإسلام يدعو إلى بناء علاقات إيجابية مع الجيران على أساس الحب والرحمة. فالتعامل الحسن مع الجيران ليس فقط واجبًا دينيًا، بل إنه أيضًا مطلب اجتماعي يؤدي إلى تحسين معايير الحياة. إن علاقة الجوار تتجاوز الجوانب المادية، فهي تتجلى من خلال الاحترام المتبادل والتسامح. فالتواصل الإنساني يلعب دورًا رئيسيًا في بناء مجتمع متعاون ومترابط، وهو ما ينسجم مع القيم الإسلامية العليا. إضافة إلى ذلك، تشير الأحاديث النبوية إلى أهمية الجيران. فقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". هذا الحديث يعكس مدى أهمية حال الجوار وحقوق الجيران في الإسلام. إن هذه الحقوق تعبر عن الواجبات العظيمة التي يحث عليها الإسلام، وتعلمنا القيم المنهجية التي تجعل من الواجب تعزيز الروابط الجوارية، وعدم الاكتفاء بتبادل التحيات فقط. بل يجب أن نسعى إلى التقارب والمساعدة في الأوقات الصعبة، مما يسهل بناء الثقة والتعاون. ولا يقتصر تأثير العلاقات الجيدة مع الجيران على الجانب النفسي والعاطفي فقط، بل يمتد ليؤثر على صحة المجتمع وسلامته. فحين يشعر الناس بالتواصل والتفاهم، فإن ذلك يعزز الشعور بالانتماء إلى مجتمع آمن ومستقر. إن بناء الثقة بين الأفراد يسهم في تقليل النزاعات وتعزيز السلام، مما يجعل المجتمع مكانًا أفضل للجميع. ولهذا، فإن الإسلام يمتدح التضامن بين المسلمين في إطار العائلة الواحدة التي تشمل الجوار. ومن حق الجيران علينا أن نقدم الدعم والمساعدة لهم في الأوقات السعيدة أو الأوقات الصعبة. إذ أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار، مما يعكس الرؤية الشاملة للاهتمام بكرامة الإنسان وحفظ حقوقه. هذا يعيد تأكيد أن الإسلام ليس مجرد شعائر دينية بل هو أسلوب حياة يهدف إلى تعزيز العلاقات الإنسانية. لذلك، ينبغي على المسلم أن يسعى لتحقيق هذا الواجب الإنساني وأن يكون مثالًا يحتذى به في السلوك مع الآخرين. إن التعامل الإيجابي مع الجيران لا ينمي فقط محبة الآخرين بل يدعوهم لتبني نفس النهج. بالتالي، فهذا يساهم في خلق مجتمع مفعم بالتفاهم والاحترام، وهو ما يدعو إليه ديننا الحنيف. وفي الختام، نستطيع القول إن التعامل الجيد مع الجيران هو أحد القيم الأساسية التي حث عليها الإسلام. فالقرآن والسنة النبوية يؤكدان على ضرورة المحافظة على حقوق الجيران، وأهمية الاستجابة للنداء الإنساني. فالمبادئ الأخلاقية في الإسلام تبرز أهمية العلاقات الطيبة بين الأفراد. وبما أن الجار جزء من حياتنا اليومية، فإن بره وإحسانه يعبر عن جوهر الأخلاق الإسلامية. لذا، يجب علينا جميعًا السعي لتحقيق هذه المبادئ في كل تعاملاتنا اليومية، ليكون المجتمع مثالًا يُحتذى به في التواصل الإيجابي والمحبة المتبادلة.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يُدعى أحمد يعيش في حي كان جاره دائمًا يسئ معاملته. ومع ذلك ، قرر أحمد تغيير سلوكه ومعاملة جاره بالمحبة والاحترام. كان يحياه كل صباح ويساعده في أوقات الحاجة. تدريجيا ، تأثر جاره بلطفه وتحولت علاقتهما إلى صداقة أعمق. لم يؤثر هذا التغيير على سلوك الجار فحسب ، بل خلق أيضًا جوًا من الصداقة بين سكان ذلك الشارع.