يحث القرآن الأفراد على تجنب اللذة المفرطة ويؤكد على التوازن بين المتعة والواجبات.
يتناول القرآن الكريم مسألة المتعة والتمتع بعمق ووضوح. هذا النص الديني المقدس يوجه المؤمنين نحو طرق الحياة الصحية والمتوازنة، ويشدد على أهمية عدم الإفراط في اللذات الدنيوية. فكر المجال القرآني في دعوته إلى التوازن والاعتدال يكتسب أهمية كبيرة، حيث تعكس العديد من الآيات القرآنية هذه الفكرة، وتدعو إلى تحقيق التوازن بين الاستمتاع بالمتع الأرضية وواجبات الحياة الإيمانية والاجتماعية. في بداية الأمر، يمكننا الإشارة إلى الآية الكريمة في سورة الإسراء، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُم كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا" (17:31). تدل هذه الآية على أن الله هو الرازق، وأنه يجب على الإنسان التغلب على شهواته ورغباته التي قد تؤدي إلى أفعال غير أخلاقية من قبيل قتل الأطفال بدافع الخوف من الفقر. هذه الدعوة للتوازن تتجاوز مجرد جانب اقتصادي أو اجتماعي، بل تعكس ضرورة الحفاظ على القيم الإنسانية والروح العائلية. كما أن التوجه القرآني يدعو إلى ضرورة الأخذ بالمأخذ العقلي عند التعامل مع هذه القضايا، حيث تعتبر الآيات وسيلة لتعزيز التواصل الإنساني الصحي. وفي هذا السياق يقول الله في سورة النحل: "وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" (22:27). هنا نجد دعوة للاستمتاع بالعبادة وتحقيق المنافع النفسية والاجتماعية دون إفراط. من جهة أخرى، تُبرز سورة المزمل آية 20 أهمية الاعتدال في الدعاء والتواصل مع الله، حيث يأمر الله رسوله الكريم بالاعتدال في العبادة وعدم الإفراط في طلب ملذات الدنيا. إذ يقول الله سبحانه وتعالى: "إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثلثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَفِي جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَالتَّفَتَّ حَلاَتٌ عَلَيكَ، وَقُلَّتْ أَنْ نُؤَدِّي أيضًا إِنَّكَ مِنَ الْمُعَلِّمِينَ" (73:20). تدعو هذه الآية إلى صلوات وعبادات معتدلة، مما يسمح للإنسان بالتقرب إلى الله دون الانغماس في قضايا دنيوية قد تبعده عن الأهداف الروحية. تتمثل جوهر الدعوة القرآنية في أهمية الاعتدال والتوازن في الحياة. هذا التوازن ليس فقط في العبادات، بل يشمل أيضًا جميع جوانب الحياة اليومية. على سبيل المثال، المرء مُطالب بأن يستمتع بحياته ويستفيد من النار في إطعام نفسه وعائلته، لكن دون أن يؤثر ذلك على واجباته تجاه الآخرين والبيئة. فالإفراط في المتعة يمكن أن يؤدي في الكثير من الأحيان إلى التشتت والاهتمام فقط بالشهوات على حساب القيم الإنسانية. كما يُفهم من القرآن، فإن التمتع بالمغريات الدنيوية ليس شيئًا محرمًا في نفسه، بل يشترط أن يتم بطريقة تُحافظ على الأخلاق والواجبات الاجتماعية. يعيش المؤمن في هذه الحياة مع إدراك بأن هذه المتع زائلة، وأن الهدف الأسمى هو الرضا الإلهي والسعي نحو الكمال الروحي. في هذا السياق، نجد أن الإسلام يشجع أيضًا على الاستمتاع بكل ما هو حلال وجميل ولكن ضمن حدود معينة. يجب أن يكون هناك وعي دقيق حول كيفية استغلال هذه المتع دون التفريط في الواجبات والحكم الأخلاقية. من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، نجد تأكيدًا على أهمية الاعتدال في تناول المعاش والتمتع بنعم الله. يقول الرسول الكريم: "إن لربك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه". هنا يتجلى أهمية العدل في إعطاء كل جانب من جوانب الحياة نصيبه دون الغلو أو التفريط. وفي سبيل تعزيز هذا التوازن، يُشدد أيضًا على أهمية العمل والاجتهاد. فمن العمل نصيب كبير في حياة المسلم، حيث قال سبحانه وتعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمُؤْمِنُونَ" (9:105). العمل ليس فقط مصدرًا للرزق بل وسيلة لتحقيق الأماني والطموحات المشروعة في إطار الالتزام بالحدود الشرعية. ختامًا، يمكننا القول بأن القرآن الكريم يقدم لنا تصورات شاملة حول العلاقات الاجتماعية والواجبات الفردية الإيمانية. يعتبر الإفراط في المتعة أمرًا غير مقبول إذا أدى إلى الانحراف عن الواجبات الأخلاقية والاجتماعية. بالتالي، يتوجب على الأفراد أن يسعوا لتحقيق نوع من التوازن بين التمتع بالحياة واحتياجات المجتمع، مما يعكس شخصية متوازنة ومستنيرة تقود الإنسان نحو السعادة الحقيقية والنجاح في الدنيا والآخرة. إن التعاليم القرآنية السمحة تدل على كيفية عيش حياة متوازنة تؤدي إلى السعادة الدنيوية والأخروية مع الحفاظ على الأخلاق والواجبات.
كان هناك شاب يُدعى أمير ، انغمس في اللذة المفرطة. كان يسعى وراء الترفيه والمتعة كل يوم ، مما أدى به تدريجياً إلى إهمال مسؤولياته في الحياة. ذات يوم ، قابل عالماً حكيمًا أخبره ، "عزيزي أمير ، لا تتعلق الحياة فقط بالشهوات الدنيوية. يجب أن تتفهم أيضًا المسؤوليات والأخلاق." reson تتردد هذه العبارة بعمق في قلب أمير ، وقرر تغيير حياته. من ذلك اليوم فصاعدًا ، عمل على إيجاد توازن بين الاستمتاع وواجبه ، ووجد فرحة أكبر في حياته.