هل يحذر القرآن من الغرور العلمي أو الفكري؟

يؤكد القرآن أن المعرفة يجب أن تؤدي إلى التواضع وخدمة البشرية، وأن الغطرسة الفكرية ضارة.

إجابة القرآن

هل يحذر القرآن من الغرور العلمي أو الفكري؟

في القرآن الكريم، نجد العديد من الرسائل العميقة التي تهتم بالعلم والمعرفة، ومن بينها تحذيرات تتعلق بالغطرسة العلمية أو الفكرية. يُظهر القرآن الكريم أن المعرفة لا يجب أن تؤدي إلى التكبر أو الشعور بالتفوق على الآخرين، بل يجب أن تعزز من تواضع الإنسان وزيادة إيمانه بالله. إن الله سبحانه وتعالى يوجه قلوب المؤمنين إلى ضرورة استعمال العلم والمعرفة في خدمة الإنسانيّة بدلاً من أن تكون مصدرًا للغرور والابتعاد عن المسار الصحيح. واحدة من الآيات الجميلة التي تتحدث عن كرامة الإنسان، تأتينا من سورة الإسراء، في الآية رقم 70، حيث يقول الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...". تشير هذه الآية إلى المكانة السامية التي منحها الله للإنسان، وتُذكّرنا بضرورة التواضع أمام هذه المكرمة. إن العلم والمعرفة، كما يحملان في طياتهما القدرة على الرفع من شأن الإنسان، يجب أن يكونا أيضًا وسيلتين لخدمته وخدمة مجتمعه. فعندما يتعلم الإنسان، يتاح له الفرصة ليكون داعمًا للآخرين، وأن يكون سببًا في نشر الوعي والمعرفة بينهم. في سياق مختلف، يُشير القرآن الكريم أيضًا إلى أهمية توجيه العلم للناس، وهذا ما يتضح في سورة البقرة، الآية 147: "وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ." تبرز هذه الآية دور العلم في توضيح الحقائق والتوجيه نحو الصواب. وهكذا، نجد أن العلم لا يُعنى فقط بزيادة المعرفة، بل يتعدى ذلك ليكون وسيلة لإصلاح القلوب والعقول. إذاً، من المهم أن نفهم أن الغطرسة التي قد تنتج عن المعرفة تعتبر ذات نتائج سلبية قد تُعكر صفو العلاقات بين الأفراد وتُبعدهم عن التقوى والإيمان. إن التواضع هو أحد القيم الأساسية التي ينادى بها القرآن، ويتجلى ذلك في أسلوب التعامل مع المعرفة والعلم. على المؤمن أن يكون حذرًا لئلا يتحول العِلم إلى أداة للغرور أو الانتفاخ. فعندما يبدأ الإنسان في الشعور بأنه أكبر من الآخرين أو أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، يبدأ في الابتعاد عن القيم الإنسانية النبيلة، وبدلاً من أن يكون علمه سببًا لنشر السلام والمعرفة، يصبح سببًا للصراع والتمييز. لذا، يُعد كل من العلم والتواضع وجهان لعملة واحدة. يجب أن يتضافرا لتحقيق الخير والفائدة للناس. كما تشير الآيات القرآنية إلى أن العلم يُعتبر مسؤولية كبيرة، حيث يبرز القرآن أهمية الالتزام بمبادئ التواضع عند السعي وراء المعرفة. فالعلم يجب أن يُستخدم لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع، ولتحقيق مصلحة البشرية. وتكون هذه المسؤولية أكبر كلما زادت المعرفة ووسعت معها آفاق فهم الإنسان. فالإنسان العاقل هو الذي يعرف أنه كلما تعلّم، زاد إدراكه لمدى محدودية معرفته، مما يحثه على التواضع أمام عظمة الخالق. لقد حث العلماء والمفكرون عبر العصور، ومن بينهم العلماء المسلمون، على ضرورة توظيف العلم في خدمة الناس. وهذا ما يتماشى مع مبادئ القرآن، حيث يكرّر التأكيد على أن العلم يجب أن يكون دافعًا لتحقيق الخير. فالغاية من التعلم ليست القدرة على استعراض المعرفة، بل هي القدرة على التأثير الإيجابي في روح المجتمع والأفراد. في الختام، يمكننا القول إن الغطرسة المتعلقة بالعلم ليست مجرد سلوك خاطئ وإنما هي انحراف عن القيم الإنسانية التي ينادي بها القرآن. لذا، ينبغي علينا جميعًا، كأفراد ومجتمعات، أن نعمل على تعزيز قيم التواضع والاحترام للآخرين في سبيل استخدام المعرفة لأغراض تنفع وتخدم البشرية. فلنسعَ لأن تكون معرفتنا دافعة لنا نحو تأسيس عالمٍ أفضل. إن العلم إذا تم استخدامه بشكل صحيح يمكنه أن يكون وسيلة لإزدهار الحضارة الإنسانية بأكملها، فطوبى لمن اتخذ من العلم سلاحًا له بعد أن يتمكن من تحصين نفسه بالتواضع والرحمة.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام ، كان معلم عظيم يقوم بتدريس درس لطلابه. كان يعلمهم بشغف أن العلم يجب أن يؤدي إلى التواضع وليس الغطرسة. في نهاية الدرس، تباهى أحد الطلاب بأنه يمكنه الإجابة عن الأسئلة بسهولة. ابتسم المعلم وقال: 'العلم الحقيقي هو الذي يلين القلوب ويدفع الناس إلى خدمة الآخرين.' جعلت هذه العبارة الطلاب يدركون أن المعرفة يجب أن تكون في خدمة البشرية أكثر من أي شيء آخر.

الأسئلة ذات الصلة