يجب أن يتم تقديم المساعدة للآخرين دون توقع ، وهو علامة كبيرة على الإيمان.
إن الإحسان ومساعدة الآخرين من القيم الأساسية التي أكد عليها القرآن الكريم، وكثيرًا ما تكررت في آياته الكريمة. إن هذا المفهوم لا يعكس فقط أخلاقنا الإنسانية بل أيضًا يدعونا إلى العطاء دون انتظار شكر أو مكافأة. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الإحسان في القرآن الكريم مع التركيز على بعض الآيات التي توضح ذلك. في سورة البقرة، الآية 273، يُشير الله سبحانه وتعالى إلى أهمية تقديم الصدقات للمحتاجين دون انتظار شكر أو عوض. الآية الكريمة تتحدث عن الفقراء الذين لا يستطيعون الحركة في الأرض ويظهر عليهم الفقر. يقول الله تعالى: «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ۖ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ ۖ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۖ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ». هذه الآية تُبرز أن الإحسان والتصدق يجب أن يكونا نابعة من نية صادقة، وأن المساعدة الحقيقية تأتي عندما ندرك احتياج الآخرين للمعونة، ونسعى لتلبية هذا الاحتياج دون تردد. كما تناقش سورة الإنسان، الآيات 8 و 9، مفهوم الإحسان بشكل أعمق. يقول الله تعالى: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَتِيَمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا». هذه الآيات تعزز فكرة العطاء الذي يجب أن يكون خالصًا لوجه الله تعالى، دون انتظار ثناء أو شكر من الآخرين. إن العطاء بنية صافية يعد من علامات الإيمان والتقوى، ويُظهر رغبتنا الصادقة في دعم ومساعدة الآخرين. هذا الموضوع يتكرر أيضًا في سورة آل عمران، الآية 92، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: «لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۖ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ». إن هذه الآية تبيّن أن الإحسان الحقيقي هو عندما نتخلى عن شيء من أحب الأشياء لدينا لمساعدة الآخرين، مما يجعل العطاء أكثر قيمة. هذا يعني أن البِر والإحسان ليس فقط في تقديم المساعدة للمحتاجين، بل أيضًا في التضحية بما نُحب لأجلهم. وهنا نستطيع أن نشير إلى مجموعة من المبادئ التي يمكن أن نستلهمها من مفهوم الإحسان في القرآن الكريم: 1. نية الإخلاص: يجب أن تكون نية العطاء هي إرضاء الله تعالى، وعدم توقع أي مقابل مادي أو معنوي. 2. تقدير المساعدة: ينبغي علينا أن نكون واعين لحاجات الآخرين وأن نبذل الجهد لمعرفة من هم في حاجة لمساعدتنا، سواء كانوا فقراء، أيتام، أو أسرى. 3. عدم التعالي: لا يجب أن نشعر بالاستعلاء أو الفخر عند تقديم المساعدة، بل علينا أن نتواضع ونذكر أنفسنا أننا قد نكون في نفس الموقف يومًا ما. 4. العطاء للبذل: العطاء لا يقتصر فقط على المال، بل يمكن أن يكون بطرق متعددة كالعطاء بالوقت، الجهد، أو حتى الابتسامة. 5. الإيمان بالجزاء: علينا أن نثق بأن الله سبحانه وتعالى يجزينا خيرًا على أعمالنا، وأن الخير الذي نقدمه سيعود علينا بالبركة في حياتنا. إن الإحسان ومساعدة الآخرين ليست فقط مسؤولية دينية، بل هي واجب إنساني يعكس مجتمعًا متماسكًا ومستدامًا. عندما نساعد الآخرين، فإننا نساهم في تحسين حياتهم، ونعزز من روابطنا الاجتماعية، مما يساهم في بناء مجتمع إيجابي يتسم بالتضامن والتعاون. إن الله تعالى يذكر في الكثير من آيات القرآن أهمية الإحسان ويدعونا إلى أن نكون عونًا لبعضنا البعض. علينا أن نستمع لتلك الدعوات وأن نلتزم بمبادئ الإحسان في حياتنا اليومية. وفي الختام، الإحسان في الإسلام يُعتبر من القيم النبيلة التي تمثل روح التعاون والمحبة في المجتمع. إنه دعوة دائمًا للعمل من أجل مصلحة الآخرين دون انتظار لمكافأة، وعلينا جميعًا أن نتبنى هذه القيم في حياتنا اليومية.
في وسط قرية، كانت هناك تجمعات وكان الناس مجتمعين. كان أحد سكان القرية معروفًا باسم حسن، وكان يمتلك قلبًا كبيرًا ورحيمًا. قرر ذات يوم أن يساعد المحتاجين دون توقع أي شكر. ذهب حسن إلى منازل المحتاجين، وأعد طعامًا خوبًا، وقام بتوصيله إليهم. عندما شكرهم، ابتسم وقال: 'لقد قمت بهذا فقط لإرضاء الله، وأدعو أن يكون الله دائمًا معكم.' انتشرت هذه الروح في القرية وشجع الآخرين على اتباع خطى حسن، وسارعوا جميعًا لمساعدة المحتاجين.