النجاة من الكبر في القرآن تتعلق بالتواضع وتجنب الفخر والسلوك غير المناسب.
التواضع هو من أهم القيم الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام، وقد أكد القرآن الكريم على أهمية هذه القيمة في العديد من الآيات. فالتواضع ليس مجرد سلوك يتبعه الإنسان، بل هو حالة من القلب والعقل تجعل الإنسان يتجنب الغطرسة والكبر. في هذا المقال، سنستعرض بعض الآيات القرآنية التي تتعلق بالتواضع وضرورة الابتعاد عن الكبر، وسنناقش معانيها وأبعادها بشكل مفصل. أولاً، تعتبر الآية 18 من سورة الفرقان من الآيات المهمة التي تشير إلى هذا الموضوع، إذ قال الله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرامًا." هذه الآية تشير إلى أن المؤمنين الحقيقيين هم أولئك الذين يتجنبون الأمور التافهة والافتراءات. فالإنسان المؤمن هو من يسعى إلى تحقيق القيم النبيلة، ويبتعد عن كل ما لا يفيد ولا ينفع. ويظهر من خلال هذه الآية أن التواضع يتطلب منا اتخاذ قرارات أخلاقية سليمة، والابتعاد عن كل ما يحط من قدرنا وكرامتنا. فالتواضع يتطلب من المرء أن يرفع من شأن الأخلاق الحميدة وأن يتحلى بقيم مثل الصدق، والأمانة، والعدل، والكرامة. وعندما نبتعد عن الكبرياء، نفتح أمامنا آفاق الخير والعمل الصالح. كما أن تجنب الكبر يعني احترام الآخرين، وعدم النظر إليهم بنظرة فوقية. هذه القيم تساهم في بناء مجتمع متماسك يمتلئ بالخير ويساهم في نشر الطمأنينة والسلم. وفي سورة البقرة، الآية 206، نجد تحذيرًا شديدًا من الكبر، حيث يقول الله تعالى: "وإذا قيل له اتق الله أخذته عزة الإثم." هذه الآية توضح أنه عندما يُقال لشخص ما بأن يتق الله، فإن بعض الأشخاص بسبب كبرهم لا يهتمون بسماع ذلك. فالكلام الذي يأتي بصدق ويعبر عن الحق يجب أن يُستمع إليه، ويجب أن نكون منفتحين لقبوله. وهذا يدل على أن الكبر هو عائق أمام قبول الحق والتوبة، وهو مسلك يؤدي إلى الضلال. عندما نُذكر بأن نتواضع أمام الله، يجب أن نعي تمامًا أن عظمة الله تسحب البساط من تحت أقدام الغطرسة. فالأرض كلها لله، وما نحن إلا عباد يحاولون الوصول إلى رضاه. ومن هنا تأتي أهمية رؤية الإنسان لنفسه بأنه صغير أمام الله. بدلاً من الفخر بالمكانة أو الإنجازات، ينبغي أن نطلب العون من الله ونتوكل عليه في كل أمورنا. هذا التوجه يصنع توازنًا رائعًا في حياتنا، فالمؤمن المتواضع يتمتع بإيمان قوي وبصيرة نافذة. أما في سورة لقمان، الآية 18، يقول الله تعالى: "ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا." وهذا يعني أنه يجب على المرء ألا ينغمس في الأنانية وأن يمشي بتكبر على الأرض. فالتكبر على الناس ليس فقط سلوكًا غير مبارك بل هو ابتعاد عن الطريق المستقيم. وهذه الآية تدعونا لأن نكون متواضعين في تعاملاتنا اليومية وأن نعامل الآخرين بكرامة واحترام، لأن هذا هو ما يميز المؤمن الحق. قد يشعر البعض أن الفخر هو علامة القوة، لكن الفخر قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى البعد عن المسار الصحيح. فالكبرياء يعمي القلب، وقد يؤدي إلى العذاب في الدنيا والآخرة. الإنسان المتكبر يفقد النعمة التي منحها الله له، ويحول بينه وبين التوفيق. من هنا، نتبين ضرورة أن نكون مُدركين لخطورة الكبر وأثره السلبي، وهو ما يجعله من الذنوب التي يجب على المؤمن الابتعاد عنها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكبر يعتبر من الذنوب التي يجب على المؤمن الابتعاد عنها. فعندما نتجاهل تحذيرات الله ونسمح للكبر بأن يتخذ مكانة في حياتنا، نفتح الباب لمشاكل كثيرة. فالكبرياء يصبح عائقًا أمام التوبة والهدوء النفسي، ويؤدي إلى مواقف تعرضنا للحسرة. لذا، من المهم أن نتدرج في إزالة الكبر من قلوبنا والعمل على تزكية النفس. في الختام، يمكن القول أن التواضع هو سمة عظيمة يحبها الله ويعلّمها لنا عبر آياته. فإذا كان هدف الإنسان أن يكون في صفوف المؤمنين وذا خلق، فإن التواضع هو الطريق. فالابتعاد عن الكبر والتحلي بالتواضع سيؤدي بلا شك إلى السلام الداخلي، والسعادة الحقيقية. نسأل الله أن يوفق الجميع لتحقيق هذا المسعى ويمنحنا نعمة التواضع. فالتواضع هو الأساس الذي يبني العلاقات الإنسانية ويجعل الحياة أكثر انسجامًا. ومن خلال تعزيز قيمة التواضع، نساهم في بناء مجتمع يسوده الاحترام والتقدير المتبادل.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يدعى حسن في السوق ولاحظ أن بعض الأشخاص كانوا يتفاخرون ويتصرفون بغرور تجاه الآخرين. فكر حسن في نفسه أنه إذا ذكر الله في القرآن أن علامات المؤمنين تتمثل في عدم تضخيم أنفسهم فوق حجمهم الحقيقي، فعليه أيضًا أن يبقى بعيدًا عن هذه الصفات. قرر أن يُدخل التواضع في سلوكه، باحترام الآخرين والامتناع عن الأحكام السطحية. من ذلك اليوم ، عاش بحياة بروح متجددة.