لتجنب الكبر ، يجب أن نركز على التواضع ونتجنب الغرور.
يُعتبر التكبر من الصفات الذميمة التي حذر منها القرآن الكريم، حيث وردت العديد من الآيات التي تشير إلى ضرورة الابتعاد عن هذه الصفة المذمومة. التكبر، ذلك الشعور بالعلوّ والافتخار بالنفس، هو من الأمور التي لا يحبها الله، وقد جاء تحذير الله في كتابه الكريم ضد هذا السلوك المخالف لطاعته والاستفادة من حكمته. في سورة البقرة، الآية 34، يقول الله تعالى: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ". تُظهر هذه القصة أهمية الطاعة لله، وأن الكبر يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما حصل مع إبليس الذي طرد من رحمة الله بسبب عدم انقياده للأمر الإلهي. تتضح خطورة التكبر بجلاء في قوله تعالى في سورة لقمان، الآية 18: "وَلَا تَصْعَرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". هنا، يُحذر المؤمنون من التباهي والغرور، حيث يُشير النص إلى أنه يجب علينا أن نتعامل مع الآخرين بتواضع وأن نكون بعيدين عن مظاهر الفخر. فنحن يجب أن نكون نماذج يحتذى بها في تواضعنا ولطفنا مع الآخرين، لأن المعاملة الحسنة تُعزز العلاقات وتحافظ على السلم الاجتماعي بين أفراد المجتمع. التواضع هو السبيل الأجدر للابتعاد عن الكبر، فحين نركز على الإيثار وتفضيل الآخرين على أنفسنا، فإننا نكون في طريق نقي يبعدنا عن الكبر. في سورة المؤمنون، الآية 1 و2، يقول الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)". هنا يؤكد القرآن أن الإخلاص في الصلاة والخشوع فيها يُعزّز من تواضع المؤمن ويقربه من الله ويجعله بعيدًا عن الكبرياء. فالتواضع هو جوهر الإيمان الحقيقي، وهو السبيل لتحقيق رضا الله. لذا، يعد الاعتراف بعيوبنا والتوجه إلى الله بالدعاء من الأمور التي تساعدنا أيضًا في الابتعاد عن الكبر. وهذا يتطلب منا أن نستمر في ذكر نعم الله علينا، وأن ندرك أن جميع ما نملك هو فضل منه، مما يجعلنا نتواضع أمامه. فالله هو المنعم، وينبغي لنا أن نكون شاكرين لفضله ورحمته، بعيدين عن التفاخر بما لدينا. فالتواضع ليس مجرد سلوك يُظهر في الأقوال، بل يجب أن يكون طابعًا يستبطن في الأفعال. يُمكن أن نسعى جميعًا إلى تحسين أنفسنا من خلال التعاطف واللطف تجاه الآخرين، فنحن جميعًا متساوون أمام الله ولن تجدي في هذا العالم مظاهر التفاخر مفيدة، بل على العكس، ستساهم في فقدان المكانة الحقيقية والسمعة الطيبة. إن الإنسان المتواضع هو الذي يدرك أنه ليس أفضل من الآخرين، وأن العظمة الحقيقية تكمن في القيم الإنسانية العالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نعمل على تحسين علاقاتنا بالآخرين من خلال التواضع، فالكرم وإظهار الاحترام للآخرين تعطينا مكانة لا يستطيع الكبر أن يعطيها لنا. فالمؤمن المتواضع يحظى بمودة الناس وحبهم، ويضمن أن يكون دائمًا في محور الانتباه الإيجابي، بينما يظل الكبر عائقًا أمام ارتقاء الشخص في مراقى الروح الإنسانية السامية. وعندما نتعامل مع الآخرين بتواضع، نساهم في نشر بيئة من المحبة والاحترام المتبادل. عند تحقيق التواضع في الحياة اليومية، فإننا نقبل التعلم من التجارب السابقة ونسعى لتحقيق الأهداف والزوايا الأخلاقية العالية في التعامل مع الغير. قد يجلب لنا التواضع السلام الداخلي والراحة النفسية، حيث نشعر برضا عن أنفسنا، وهذا ينعكس في تصرفاتنا التي تساهم في نشر المحبة والسلام في المجتمع. فالتواضع يُعزز من فرص النجاح ويسهم في بناء علاقات إيجابية مع الآخرين. وفي النهاية، من الضروري أن نفهم أن الابتعاد عن الكبر هو مسار للتقرب إلى الله وإلى القيم الإنسانية الرفيعة. وفي مجتمع يعاني في كثير من الأحيان من الفجوات الاجتماعية والتفاخر، يكمن دورنا في تعزيز قيم التواضع والعطاء، لنخلق عالمًا أكثر تماسكًا وعدالةً وإنسانية. فالمجتمع الذي يفتقر إلى التواضع يُواجه العديد من المشكلات، لذا يجب أن يتحمل كل فرد منا مسؤوليته في نشر هذه القيم وتعليم الأجيال القادمة أهمية التواضع في القلوب والعقول.
كان هناك رجل يُدعى حسن في رحلة. في وسط الطريق ، واجه رجلاً مسنًا بدا فقيرًا وغير راضٍ للغاية. في البداية ، ابتعد حسن عنه قائلاً في نفسه: 'لماذا يجب أن أتحدث معه عندما أكون في وضع أفضل؟' ولكن بعد لحظات قليلة ، تذكر آيات القرآن التي تؤكد أعظم فضيلة ، وهي الاعتماد على الله والتواضع. عاد حسن إلى الرجل العجوز وتبادل معه بضع كلمات. من خلال القيام بذلك ، شعر حسن بتحسن وادرك أن غروره أبعده عن السعادة والسلام.