لإيقاف إغراء مقارنة أنفسنا بالآخرين، يجب أن نركز على صفاتنا ومواهبنا، مع تذكر أن قيمتنا تعتمد على تقوانا.
إغراء مقارنة أنفسنا بالآخرين هو أحد التحديات التي يمكن أن تؤثر سلبًا على روحنا وأدائنا. فعندما نقارن أنفسنا مع الآخرين، غالبًا ما نشعر بالنقص أو عدم الرضا عن أنفسنا. هذا الإغراء قد يأتي نتيجة للضغط الاجتماعي أو الثقافي، حيث نُشجع على رؤية النجاح وكأنه معيار يحدد قيمتنا. ولكن، في القرآن الكريم، يذكرنا الله أنه ينبغي علينا أن نركز على مسارنا الفريد. فكل فرد لديه قدراته وآماله وأحلامه، ويجب علينا أن نسعى جاهدين للتقدم في رحلتنا الخاصة. سورة الحجرات، الآية 13، تذكرنا بأن "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". هذه الآية تحمل في طياتها درسًا عميقًا حول مفهوم القيم. فالقيمة الحقيقية للشخص لا ترتبط بالمكانة الاجتماعية أو الثروة، بل تتعلق بتقواه وورعه. فعندما ندرك أن كل شخص يُقدّر عند الله بناءً على مستوى تقواه، يتضح لنا أن مقارنة أنفسنا بالآخرين ليست سوى أمر خاطئ في جوهره. المقارنات تخلق شعورًا بالإحباط، حيث يطفو على السطح ذلك السؤال المزعج: "لماذا ليس لدي ما يملكونه؟". لكن يجب أن نتذكر أن كل شخص يعاني من تحدياته الخاصة. فكل واحد منا لديه أعباء وآلام وآمال. لذلك، فإنه من غير العادل أن نقارن تجاربنا وتجارب الآخرين، كما أنه من غير المجدي أن نشعر بالغيرة أو الاستياء بسبب نجاح الآخرين. سورة البقرة، الآية 286، تأكيد آخر على هذه الفكرة، حيث ينص على "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها". هذه الآية تشير إلى أن الله لا يضع على أي شخص عبئًا أكبر من قدرته، مما يعني أن كل إنسان يعيش في حياته تحديات بمستوى محدد يناسب قدراته. ولذلك، يجب علينا أن نشجع أنفسنا على النمو والتطور بدلاً من الانغماس في دوامة المقارنات السلبية. الأمر الآخر الذي يجب أن نتذكره هو أهمية التركيز على الصفات والمواهب التي نمتلكها. فكل شخص لديه ميزات فريدة، سواء كانت عقلية أو عاطفية أو جسدية. إذا تمكنا من استثمار هذه المواهب وتطويرها، سنكون قادرين على تحقيق أهدافنا والشعور بالرضا عن أنفسنا. فعلى سبيل المثال، قد يكون لدى شخص مهارات فنية رائعة، بينما يمتلك آخر مهارات عقلية متميزة. بدلاً من النظر إلى ما يفعله الآخرون، يجب أن نشجع أنفسنا على اكتشاف وإطلاق العنان لمواردنا الكامنة. مجتمعنا اليوم مليء بالتحديات، ولكن يجب أن ندرك أن هناك أيضًا فرصًا لا حصر لها. التقدم التكنولوجي، والتواصل الاجتماعي، وفتح الأبواب للمجازفة، جميعها تساعدنا في توسيع آفاقنا. لكن الأمر يتطلب منا اعتناق فكرة أن كل رحلة فريدة من نوعها. الخبرات التي نمر بها والصعوبات التي نواجهها تشكل جزءًا من تطورنا الشخصي. يجب أن نكون ممتنين لما نحن فيه، ونقدّر كل ما منحنا الله به. الرضا هو مفتاح السلام الداخلي. فعندما نتقبل مكاننا في الحياة، نبدأ في الشعور بالسعادة والراحة. إن الرضا لا يعني الاستسلام، بل هو شعور بالامتنان لما لدينا مع الاستمرار في السعي نحو تحسين وتطوير أنفسنا. في الختام، فإن مقارنة أنفسنا بالآخرين ليست فقط غير مجدية، بل يمكن أن تكون ضارة للصحة النفسية. نجد أن القرآن الكريم يقدم لنا نصائح قيمة حول كيفية تقدير أنفسنا وقيمتنا الحقيقية. بدلاً من النظر إلى ما يفعله الآخرون، يجب أن نركز على مسارنا الخاص ونبني تجربتنا الفريدة. من خلال ذلك، سنحرص على النمو والتطور، مع الالتفات إلى الحكمة القرآنية التي تشدد على تقوى الله كمعيار حقيقي للقيمة. لذلك، دعونا نشجع أنفسنا ونركز على التطور الشخصي والرضا عن كل خطوة نخطوها في تلك الرحلة.
كان علي شابًا يشك دائمًا في نفسه وإنجازاته. كان يقارن نفسه دائمًا بالآخرين ونجاحاتهم. في يوم من الأيام، أثناء قراءته للقرآن، صادف آية قالت: "لا يوجد من هو أعلى منك بين الأموات". أحدثت هذه الآية تغييرًا فيه وذكرته بأن كل شخص فريد في مصيره. قرر التركيز على قدراته ومواهبه بدلاً من مقارنة نفسه بالآخرين.