يجب أن نتعامل مع الذين لا يؤمنون بصبر ومحبة، موضحين لهم قيمة إيماننا.
يقدم القرآن الكريم تعاليم قيمة وإرشادات حول كيفية تعاملنا مع الذين لا يؤمنون، مؤكدًا على ضرورة اعتماد نهج مليء بالرعاية واللطف. العلاقات الإنسانية هي عامل أساسي في بناء المجتمعات، وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الآخرين، لاسيما من لا يشاركوننا نفس المعتقدات، يصبح الأمر أكثر أهمية. يبرز القرآن الكريم أهمية الرحمة والجانب الإنساني في التعامل مع مختلف الأفراد، ويحثنا على تقديم نموذج إيجابي من خلال تصرفاتنا وأقوالنا. إحدى الآيات الهامة في هذا الصدد هي الآية 86 من سورة الأنعام، التي تشير إلى كيفية سخرية الكثير من الكفار من الرسائل الإلهية، حيث جاء فيها: 'وإذا قيل لهم ما الذي أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين'. توضح هذه الآية أن الكثير من غير المؤمنين يمكن أن يسخروا من الرسائل الإلهية. وهذا يتطلب من المؤمنين عدم الانزعاج أو الاستغراب من عدم فهم الآخرين لمبادئ الإيمان. على العكس، يجب أن نكون صبورين ونسعى دائمًا لإيضاح الحقائق الدينية بأسلوب يتسم بالاحترام والتفهّم. يغرس القرآن الكريم في نفوسنا أهمية الصبر والقدرة على التحمل أثناء التعامل مع أولئك الذين يؤمنون بأفكار مختلفة أو يعلو صوتهم بالسخرية. إذا تمكنا من عرض قيمة إيماننا من خلال كلماتنا وأفعالنا، يمكننا أن نكون مثالاً يحتذى به للآخرين ونساهم في نشر رسائل الإيمان والمحبة. وفي هذا الإطار، نجد أهمية التربية الأخلاقية والاجتماعية في النشأة والتنشئة على القيم الإنسانية الحميدة. أكثر من ذلك، تشير الآية 67 من سورة الفرقان إلى: 'والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرامًا'. تذكرنا هذه الآية بضرورة تجنب السلوكيات غير اللائقة والمهينة، خاصة تجاه أولئك الذين لا يعترفون بإيماننا. يتجلى هذا في كيفية اتصالاتنا مع الآخرين واختيار الكلمات المناسبة في نقاشاتنا. إن معظم الناس يبحثون عن الاحترام والفهم حتى في الأوقات التي يتبادلون فيها الآراء المختلفة. وبالتالي، يجب أن نتواصل معهم من خلال الحب والمعرفة، ونسعى لإيجاد مساحة مليئة بالخير. تظهر هذه الآية أن سلوكنا له تأثير كبير على كيفية استجابة الآخرين ومعاملتهم لنا. فإذا كنا مهذبين ومؤدبين، فمن المحتمل أن يتفاعل الآخرون بطريقة إيجابية ويبدأون بفتح قلوبهم لنا. يجب علينا أن نكون مثالًا حيًا لتعاليم القرآن، لنكون مرآة تعكس قيم الصبر والرحمة. بالإضافة إلى ذلك، تنصحنا الآية 19 من سورة العلق بقولها: 'كلا لئن لم ينته لنسفعًا بالناصية'. تشير هذه الآية إلى أن تعاملاتنا مع غير المؤمنين يجب أن تتسم بالمنطق واللطف. كما أن هناك تعبيرًا جميلًا يُظهر أن كل إنسان لديه إمكانيات الهداية. من الضروري أن نتذكر أن كل إنسان يسير في طريقه الخاص، وقد يحتاج البعض لإرشاد منا، بينما قد يحتاج البعض الآخر إلى وقت للبحث عن الحقيقة. إن تفهم حالات الآخرين والتواصل مع من لا يعترفون بإيماننا بطريقة حضارية يساهم في نشر المحبة والإيجابية في المجتمع. لذا فإن أسلوب التحاور مع الناس والتعامل معهم هو فن يحتاج إلى مهارات وفهم عميق لطبيعة العلاقات الإنسانية. يجب أن نركز على تقديم رسالة سامية تتمحور حول الاحترام المتبادل والحب، وليس السخرية أو التعالي. من المهم أن نكون حذرين في عباراتنا وأسلوبنا، وأن نختار الكلمات التي تلهم السلام والإيجابية. المعاني التي يقدمها القرآن الكريم ليست حصرية لأوقات معينة، بل يجب أن تكون جزءًا من حياتنا اليومية. إن تطبيق هذه القيم في حياتنا يمكن أن يحدث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع الآخرين، ويعزز من بناء مجتمع متماسك يقوم على المبادئ الإنسانية. خلاصة القول، إن تعزيز قيم الصبر والعطف في تعاملنا مع من لا يؤمنون، كما يرشدنا القرآن الكريم، هو مفتاح لفتح الأبواب والدخول في قلوب الآخرين. يجب علينا أن نكون مثالاً يُحتذى به ونظهر لهم أن الإيمان يعنينا بالمحبة والتفاهم. من خلال هذه التعاليم، نستطيع تعزيز مجتمع يسوده الخير والمودة، والقضاء على مشاعر الكراهية أو التفرقة. وفي النهاية، إن هذه القيم تُعد مرشدًا للحياة الإنسانية يجب أن نلتزم بها في تعاملنا مع كل فرد، بغض النظر عن توجهاته أو معتقداته. فالمؤمن الحق هو من يسعى لزرع الحب ونشر السلام، وليس من يُزكي الفرقة والاختلاف. فالله تعالى يدعونا دائمًا للمحبة والتفاهم، وهذا هو جوهر الرسالة المؤمنة.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يدعى علي كان مؤمنًا وطيفًا. كان دائمًا يسعى لفهم جوهر الإيمان وكيفية التعامل مع الآخرين. ذات يوم، صادف غير مؤمن وقرر التعامل معه بصبر ومحبة. قال علي: 'أؤمن أن الله موجود وقد أحضر السلام إلى حياتي. آمل أن تستطيع يومًا أن تفهم هذا وتختبره أيضًا.' لم تكن هذه المحادثة مهمة فقط لعلي، بل أثرت أيضًا على ذلك الرجل وجعلته يتأمل.