يؤكد القرآن على الاعتدال والتوازن ، ويجب على المسلمين تجنب التطرف في حياتهم.
الاعتدال والتوازن من القيم الأساسية التي يؤكد عليها الإسلام، وقد عكست النصوص القرآنية هذه القيم في العديد من المواضع. في هذا المقال، سنتناول أهمية الاعتدال والتوازن من خلال مختلف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وكيف يمكن تطبيق هذه المبادئ في حياتنا اليومية. إن الاعتدال يعني التوسط والتوازن، وهو مفهوم يرتبط بالابتعاد عن التطرف والمغالاة. وقد ورد هذا المفهوم بشكل مباشر في القرآن الكريم، حيث تحدد الآيات القرآنية أسس الاعتدال في مختلف جوانب الحياة. فعلى سبيل المثال، في سورة الفرقان الآية 67، يوضح الله سبحانه وتعالى صفات المؤمنين الذين يُعبر عنهم بقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا}. تُبرز هذه الآية أهمية الاعتدال في الإنفاق، وهو جانب من جوانب الحياة المادية. إن المؤمن الحق هو الذي يعرف قيمة المال وينفقه بحكمة، فلا يُفَرض في صرفه ولا يقتر بأكثر مما يحتاج إليه. وهذا يعكس صورة إيجابية عن العيش في توازن وعدم الوقوع في فخ الاستهلاك الزائد أو البخل. علاوة على ذلك، نجد اعتدالًا آخر في سورة البقرة الآية 143، حيث يصف الله المؤمنين بأنهم أمة وسط، فيقول سبحانه: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وِسَطًا}. فكون الأمة وسطًا يعني أنه يجب عليها أن تُظهر الاعتدال في سلوكها وفي تعاملها مع الآخرين، والابتعاد عن التطرف في الآراء والأفكار. وهذا يظهر اهتمام الإسلام بأن تكون المسلمات والمسلمون قدوة للآخرين من حيث التوازن والاعتدال. في عالمنا اليوم، يتعرض الأفراد لضغوطات متزايدة من أجل الحصول على حياة مرفهة وملذات، وقد تأججت هذه الضغوطات بظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لمفاهيم التبذير والترف. ومع ذلك، يذكرنا القرآن الكريم بحقيقة هامة، وهي أن الحياة الكريمة والسعيدة تقوم على مبدأ الاعتدال. إذ يجب أن نفكر جيدًا في تصرفاتنا ونحرص على أن تكون جميع أفعالنا ضمن حدود الاعتدال. عند التفكير في مفهوم الاعتدال، يمكننا أن نطبق هذا المبدأ حتى في جوانب متعلقة بالترفيه. على سبيل المثال، يُنظر أحيانًا إلى قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات كنوع من التسلية، لكن من المهم أن نخصص وقتاً للعائلة وللواجبات اليومية أيضاً. إذا قضينا وقتًا طويلًا في الترفيه، قد نتجاهل المسؤوليات المهمة والتي تُعتبر جزءًا من الاعتدال في الحياة. يتطلب الاعتدال أيضًا أن نكون واعين لاحتياجات الآخرين وأن نتعامل معهم بلطف واحترام. يُظهر القرآن الكريم أن المؤمنين يجب أن يتعاملوا بحكمة مع الناس ويجنبوا الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى النزاع أو الكراهية. يقول الله تعالى في سورة الحجرات الآية 10: {إنما المؤمنون إخوة فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}. هنا، يُظهر الإسلام أهمية التعالي على الخلافات والعمل نحو الإصلاح والاعتدال في التعامل. وبالتالي، فالأفراد في المجتمع يجب أن يلتزموا بمبادئ الاعتدال في العلاقات الاجتماعية لحياة أكثر سعادة واستقرار. كما أن الاعتدال يمتد ليشمل الأمور الروحية. فعبادة الله تتطلب منا التوازن بين القيم الروحية والمعاملات الدنيوية. فالصلاة، الصوم، والصدقة كلها جوانب تتطلب التوازن بين علاقتنا مع الله وعلاقتنا مع الناس. إذا كان لدينا مزيد من التقوى، يجب أن نترجم ذلك إلى أفعال إيجابية تجلب الخير للآخرين. في النهاية، لا يمكننا إنكار أن القرآن يُعلمنا أن حياة سعيدة وصحية تقوم على ممارسة مبدأ الاعتدال. إن الاعتدال في الطعام، الشراب، والعمل، والعبادة، والعلاقات الاجتماعية يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. وعندما يمتثل الأفراد لمبادئ الاعتدال، فإن المجتمع بأسره سيستفيد ويصبح مكانًا أفضل للعيش. إذاً، يجب على كل مسلم أن يحمل هذه الرسالة في قلبه وأن يُجسِّد الاعتدال في كل أعماله وأفكاره. من خلال تطبيق المبادئ القرآنية، يمكننا العمل نحو مجتمع أكثر توازنًا وسلامًا.
في يوم من الأيام ، كان شاب يُدعى حسن يتأمل في سلوكياته ويتساءل عما إذا كان قد حافظ دائمًا على التوازن في حياته. تذكر آيات القرآن وقرر اتخاذ خطوات لتصحيح سلوكياته. منذ ذلك الحين ، خصص المزيد من الوقت للعبادة والتواصل مع أسرته ولاحظ النتائج الإيجابية لهذه التغييرات.