تم تحذير التفاخر في الإسلام ، مع التأكيد على الاعتدال والتوفير بدلاً من ذلك.
في القرآن الكريم، تحذير صارخ من التفاخر والإسراف، حيث يأتي هذا التحذير في سياق تعاليم شاملة تهدف إلى توجيه الناس إلى حياة أفضل ونمط عيش معتدل. التفاخر والإسراف ليسا فقط أمرين غير محبوبين من قبل الله، بل يمثلان أيضاً عواقب سلبية للفرد والمجتمع، وهذا ما يشدد عليه الإسلام بشكل مستمر. في سورة الأعراف، نجد في الآية 31 تأكيدًا على هذا المعنى، حيث يقول الله تعالى: 'كلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين'. يتضح من هذه الآية أن الله يوجه عباده إلى تناول الطعام والشراب بتنبه، دون أن يسرفوا أو يبالغوا في الإنفاق. فالإسراف هو إنفاق محظور وغير ضروري قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. يُشير الإسراف إلى إنفاق الأموال بأسلوب مبذر وفوق الحاجة، مما يؤثر سلباً على الفرد ونمط حياته ويخلق فجوات في المجتمع. كما أنه يساهم في تعزيز الفقر والتمييز الاجتماعي، إذ ينشأ عن الإسراف تفاخر بالمظاهر والتي قد تكون على حساب القيم الجوهرية والاحتياجات الأساسية. في هذا السياق، تُمارَس التعاليم الإسلامية تأثيرًا إيجابيًا على الفرد من خلال دعوته إلى الاعتدال. فنجد في سورة الفرقان، الآية 67، وصف صفات عباد الله المؤمنين، حيث يقول تعالى: 'والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما'. تظهر هذه الآية أن المؤمنين هم أولئك الذين يتسمون بالتوازن في إنفاقهم، حيث لا يفرطون أو يقترون، بل يتخذون من الوسطية نهجًا في كل جوانب حياتهم، مما ينمي روح التعاون والتكافل في المجتمع. لهذا، يعد التوفير والقناعة من المفاهيم الأساسية في الإسلام، حيث يتوجب على المسلم أن يكون لديه وعي دائم بنفقاته، وأن يسعى لتحقيق التوازن بين احتياجاته ورغباته. القناعة تجعل الإنسان راضيًا بما لديه، وتنأى به عن الوقوع في شباك التفاخر الذي يضر بالعلاقات الإنسانية. وفي الآية التي تم ذكرها في سورة النساء، الآية 36، عندما يقول الله: 'وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا'، فإنه يذكرنا بضرورة إعطاء الأولوية للحب والإحسان في العلاقات، فتكون العلاقات الأسرية والمجتمعية أهم من مظاهر الرفاهية والتفاخر. إن العناية بالوالدين والإحسان إليهم يعد مفترضًا أساسيًا يظل مرتفعًا فوق ما يظنه الإنسان مظهريًا. من هنا، يمكن القول إن التفاخر ليس محبذًا في الإسلام ويعتبر محرمًا بشدة، فالإسلام يدعو إلى البساطة والاعتدال. المؤمن الحق هو من يعرف كيف يوازن بين شتى جوانب حياته، ولا ينجر خلف المظاهر الزائفة التي قد تكون ضارة بصحته النفسية والعاطفية والاجتماعية. التفاخر حتى في القيم الأخلاقية أو الدينية ينبع من شعورٍ بالكبر، وهذا الأمر حذر منه الإسلام بشدة، مشيرًا إلى أن التفاخر يؤدي إلى التقليل من قيمة الآخرين ويخلق انقسامات اجتماعية تنفذ في مجتمعاتنا. كأساس للحياة الأخلاقية، يُدرك المؤمن أن التفوق الحقيقي لا يأتي من المظاهر، بل من القلب والمبادئ التي يحملها. في هذا الصدد، يأتي دور المجتمع الإسلامي ليعكس هذه القيم من خلال التعليم والتوعية. يجب على المؤسسات التعليمية والدينية أن تعمل على تعزيز قيم البساطة والاعتدال في النفوس، إمّا من خلال المناهج التربوية أو الندوات الدينية التي تفصل في هذه المواضيع، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تفاهمًا وتعاونًا. ختامًا، يعتبر الإسراف والتفاخر من الآفات التي تتطلب مراقبة وواعيًَا دائمًا من أفراد المجتمع. فالإسلام ليس مجرد عقيدة بل هو أسلوب حياة كامل يستدعي من المؤمنين فهم أعماقه وتنفيذ قواعده في كافة جوانب حياة. لذا يجب على كل مسلم أن يتحلى بتلك القيم، ويتجنب كل ما يؤدي لهؤلاء الآفات؛ ليس فقط لحياته الخاصة، بل لضمان رخاء مجتمعه وإبعاد الأذى عن نفسه والآخرين.
في يوم من الأيام ، عاش منصور ، وهو رجل ذو شخصية طيبة وحياة بسيطة ، في قرية. كان دائمًا يحافظ على التوازن في سلوكه ونفقاته. عندما أراد أصدقاؤه إقامة احتفال كبير ، حثهم منصور على التركيز على التعاون والمحبة بدلاً من التفاخر. بتأثيره ، تحول احتفالهم إلى أكثر حفل رائع وعائلي. أدركوا أن الفرح الحقيقي يكمن في البساطة والصداقة وليس في التفاخر.