إن الحكم على الآخرين في القرآن مرفوض ، ويدعو المؤمنون إلى تجنب الأحكام الخاطئة والغيبة.
إن القرآن الكريم هو كتاب الله الذي أُنزل هدى ونوراً للناس، ويعبر عن التوجيهات الإلهية التي تهدف إلى بناء الإنسان في شتى مجالات حياته. لذا نجد أن العديد من الآيات القرآنية تتناول موضوع الأخلاق، خصوصاً أهمية حسن الظن بالآخرين والابتعاد عن التجسس والغيبة. هذه القيم تمثل جزءاً أساسياً من التوجيهات القرآنية التي يجب على المؤمنين اتباعها لتحقيق العيش الكريم في المجتمع. ففي عالم مليء بالتحديات، يدعونا الله تعالى من خلال هذه التعاليم إلى التفكير العميق في تصرفاتنا وأقوالنا، مما يساعدنا على بناء علاقات صحية ومثمرة مع الآخرين. تتعدد الآيات والأحكام التي تشير إلى أهمية حسن الظن بالآخرين، ومن ضمنها الآية المباركة من سورة الحجرات، حيث يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ ۚ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۗ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ". إن هذه الكلمات ليست مجرد تحذيرات، بل هي توجيهات تعلمنا كيفية دمج القيم الأخلاقية في أعماق نفوسنا وتحمل مشاق التعامل مع الآخرين. تشير هذه الآيات بوضوح إلى طريقة حياة المؤمن، إذ يجب عليه تجنب الأفكار السلبية والتأكد من أن التواصل بين الأفراد يتم بطريقة نزيهة وصحيحة. إن التورط في التجسس والنميمة يعد من أسوأ أنواع السلوكيات التي تؤثر سلباً على علاقاتنا مع الآخرين. فالتجسس لا يؤدي فقط إلى تدمير الثقة بين الأصدقاء والعائلة بل يمكن أن يقود إلى مشكلات اجتماعية خطيرة. من الواضح أنه كما لا يحب الشخص أن تُؤكل لحومه وهو ميت، فإن الله تعالى يحذرنا من الوقوع في هذا الفخ عبر تذكيرنا بواجبنا في حماية الأعراض. إن الخوض في الغيبة والتجسس يعتبران إساءة للشخصية، مما قد يسبب الفتنة والاختلاف بين أفراد المجتمع. فعلى المؤمنين أن يدركوا أن الكلمات التي تُقال لها تأثير كبير على حياة الأفراد، والعواقب الاجتماعية للغيبة والتجسس قد تكون وخيمة وعليهم التحلي بالحذر. فعندما نفكر في أفكار سيئة عن الآخرين، نحن نحكم عليهم بغير حق، مما يدخلنا في دوامة من الافتراء والظلم. أما في سورة البقرة، فتتعمق هذه التعاليم الأخلاقية أكثر، حيث يقول الله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَلَا تَدْفَعُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ". يظهر هذا الآية أهمية احترام المال والحقوق الشخصية للآخرين، مما يساهم في بناء مجتمع يسوده التعاون والنزاهة. وضعف الفرد أو انتهاك حقوق الآخرين يعنى انهيار كل قيم العدالة والاحترام المتبادل. إذًا، يجب أن نتحلى بالنزاهة في تعاملاتنا اليومية وأن نتجنب الحكم على الآخرين بشكل تعسفي. دعوة الإسلام تعتمد على تقديم حقوق الأفراد واحترام كل شخص في مواقفه وخصوصياته. فإذا ابتعدنا عن التجسس والغيبة، سنكون أكثر قدرة على العيش في مجتمع متكاتف يتمتع بالاحترام المتبادل. إن حماية الأعراض والابتعاد عن الإشاعات هو شيء ضروري لتحقيق التوازن في العلاقات الإنسانية. في ختام هذه الخواطر، يمكن القول إن الإسلام يدعونا لتعزيز صفات التفاهم والرحمة بين الأفراد. فالتسامح والعمل الجماعي هما قيمتان أساسيتان في التعاليم القرآنية. فالبشرية لن تحقق الخير إلا من خلال التراحم والفهم المشترك. إن الابتعاد عن الحكم الجائر والغيبة يحتاج إلى جهد مستمر وانتباه دائم. فالنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان قدوة في نشر قيم الرحمة والعدل، وهذا يجب أن يكون ديدن المسلم اليوم. يجب على مجتمعنا أن يتجه نحو التفاهم والمحبة وأن يبني دائماً على الأسس الأخلاقية التي أرسى دعائمها القرآن الكريم. دعونا نجعل من قيم الإسلام نبراساً نهتدي به في حياتنا اليومية، لنجتمع معاً في مجتمع يسوده الحب والاحترام.
في يوم من الأيام ، كان رجل يمشي إلى السوق بأحكام حول الآخرين في ذهنه. فجأة ، تذكر آية من القرآن تقول: 'ابتعد عن الأحكام السلبية'. قرر أن يمتنع عن توجيه الاتهامات والأحكام الخاطئة وبدلاً من ذلك نظر إلى الآخرين بنية طيبة. منذ ذلك اليوم ، تغيرت حياته وتحسنت علاقاته مع الآخرين.