الصمت في وجه الظلم غير مسموح؛ يجب الوقوف ضده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الظلم يعد من أشد الأمور التي حذرنا الله منها في كتابه الكريم، وأوصانا بالابتعاد عنه، والعمل على إرساء العدل في كل شؤون الحياة. لقد حمل القرآن الكريم في طياته تعاليم سامية تدعو إلى مواجهة الظلم والوقوف في وجهه، حيث إن السكوت عن الظلم يعد بمثابة تأييد له، بل قد يساهم في تعزيز سطوة الظالمين. ففي سورة النساء، الآية 135، يقول الله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ"، وفي هذا الأمر إشارة واضحة لأهمية العدالة في الشهادة ولزوم الحق في التعامل مع مسألة الشهادة. إن هذه الآية تدعونا للوقوف في وجه الظلم، فلا يجوز لأحد منا أن يبقى صامتًا أو محايدًا في مواجهته، بل يجب علينا أن نسعى إلى إرساء العدالة، وهذا يتطلب مقاومة الظلم والوقوف بجانب المظلومين. بالإضافة إلى ذلك، ينص القرآن الكريم في سورة البقرة، الآية 190: "وَاقْتُلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا"، الأمر الذي يحمل في طياته دعوة واضحة لمواجهة الظالمين والدفاع عن حقوق المظلومين. فالإسلام لا يرضى بالظلم، بل يدعو إلى تحصيل العدالة بكل وسيلة مشروعة، فكل مسلم يجب أن يخدم القضية العادلة، وأن يجعل من نفسه مدافعاً عن الحق. لقد ظهر عبر التاريخ الكثير من الشخصيات الإسلامية التي وقفت في وجه الظلم ورفضت السكوت عنه، مثال ذلك الصحابة، الذين عاشوا في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنهم لم يترددوا في تقديم التضحيات للدفاع عن الدين والعدل. كانوا نموذجًا يُحتذى به في المقاومة ضد الطغيان والظلم، وهذا يعكس تعاليم القرآن الكريم الذي حث على الصمود والثبات أمام التحديات. وفي المجتمعات الحديثة، لا يزال مبدأ مقاومة الظلم أمرًا ضروريًا ومهمًا، حيث يجب على المسلمين أن يكونوا ناشطين في دعم المظلومين والسعي نحو تحقيق السلام والعدل في مجتماعتهم. فالجدال والمناقشات السلمية تعكس صورة الثقافة الإسلامية السوية وتعزز من مبادئ العدل. فمن خلال الإنصات للمظلومين ودعمهم، يمكننا أن نكون سببًا في إحداث تغيير حقيقي في المجتمع، وهذا يعتبر جزءًا مهمًا من تطبيق الدين في حياتنا اليومية. ويتطلب العمل على مواجهة الظلم أيضًا الفهم العميق لمفهوم الحقوق والواجبات، إذ يجب أن نعلم أن لكل فرد حقه في الحياة والكرامة، وبالتالي من المهم العمل لتحقيق هذه الحقوق وعدم السماح لأحد بالتجاوز عليها. إن الاحتجاج السلمي وقاية فعالة ضد الظلم، فهو يعكس صوت المجتمع ويعبر عن مطالب الناس الذين يتوقون إلى العيش في عدالة. وفي زمننا الحاضر، يحتاج المجتمع إلى زعماء ومؤثرين يتخذون من مبادئ القرآن الكريم نبراسًا في مقاومة الظلم وتعزيز القيم الإنسانية. ويجب أن يكون العلماء والدعاة والمفكرون في المقدمة، يدعون إلى الالتزام بمبادئ الدين ورفض كل صور الظلم والاستبداد. فالخطاب الديني يجب أن يتضمن تحفيز المجتمع على المساهمة بشكل إيجابي في تغييره نحو الأفضل والعمل على دعم القضايا العادلة. ختاماً، إن الإسلام دين الحماية للحقوق والعدالة، لذا فإن مواجهة الظلم واجب علينا جميعًا. فعلينا أن نتحد ونتعاون في نشر الوعي ونقض تلك الظواهر السلبية التي تهدد قيمة العدل، ونجعل من أنفسنا درعًا ضد الظلم بكل أنواعه، فمن خلال ذلك نكون قد أديتوا واجبنا تجاه ما أوجبه الله علينا في كتابه الكريم. لنُحي مجتمعًا يهرع إلى نصرة المظلومين، ويعمل من أجل العدالة، بما يحقق الخير للجميع ويقضي على الفساد. في النهاية، فالظلم هو عدو الإنسانية، والعدالة هي الطريق الذي يجب أن نسلكه سويًا جميعًا، وفق ما أوجبه الله علينا، حتى نكون من عباد الله الصالحين في مواجهة الظلم والسعي نحو التغيير الإيجابي.
في يوم من الأيام، في سوق مزدحم، رأى رجل طفلًا يتعرض للظلم لكنه تجاهل ذلك. فجأة، اقترب منه شاب وقال: "ألا ترى أن هذا الطفل يتعذب؟ صمتك لن يساعده." في البداية، تفاجأ الرجل، لكنه فكر قليلًا قبل أن يرد: "أنت محق، يجب أن أساند هذا الطفل وأرفع صوتي." وبهذا العمل، لم يساعد الطفل فحسب، بل شجع الآخرين أيضًا على الوقوف ضد الظلم.