إن السكوت عن المظلوم ليس فقط إثمًا، بل هو واجبنا أن نقف ضد الظلم.
يؤكد القرآن الكريم على أهمية معاملة المظلومين والدفاع عن حقوقهم، حيث يُعتبر هذا الموضوع أحد المحاور الأساسية في الرسالة السماوية. يتجلى ذلك في العديد من الآيات القرآنية التي تدعو إلى العدل والمساواة والإنصاف في المعاملات. في سورة النساء، الآية 135، يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ." تعكس هذه الآية أهمية الشهادة على الحق وإقامة العدل كواجب إنساني وأخلاقي. فليس من المقبول أن نتجاهل أو نصمت أمام الظلم، بل يجب علينا أن نكون صوتًا للمظلومين وأن نتخذ موقفًا ضد كل ما يُمارَس عليهم من ظلم أو انعدام للحقوق. تتكرر هذه الدعوة في مواضع أخرى من القرآن الكريم، مما يُظهر مكانة العدل في الإسلام. وفي سورة المائدة، الآية 8، يحث الله المؤمنين على الوقوف مع الحق والعدالة، حيث يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ." هذه الآية تدعو إلى جعل الشهادة للحق جزءًا لا يتجزأ من العقيدة، مما يعزز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد ويشجعهم على مواجهة الظلم. إذا تمعنا النظر في مجريات الأمور حول العالم اليوم، نجد العديد من القضايا التي تتطلب منا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين. فالصمت أمام الظلم ليس مجرد غفلة بل هو تُعرف بالخيانة للأخلاق الإنسانية. إن السكوت عن المظلوم ليس فقط إثماً، بل هو ظلم للمظلوم نفسه، وكما يقول الإمام علي (عليه السلام): "من لم يُنصِر المُظلوم فقد أُعِين الظالم." ومع تزايد الفساد والتمييز الاجتماعي في بعض المجتمعات، يصبح من واجب المؤمن أن يتحدث بصوت عالٍ للحقيقة. يتطلب ذلك جُرْأَةً وعزيمة، حيث يمكن أن يتعرض الشخص لمخاطر جمة لمجرد الدفاع عن الحق، ولكن المؤمن الذي يعتمد على الله يستمد قوتَه من إيمانه وعزيمته. إن الحياة لا تستمر بمظاهرها المادية فحسب، بل تتطلب أيضًا مضامين إنسانية وأخلاقية، وأحد أهم هذه المضامين هو الدفاع عن العدالة. إن العمل من أجل قضايا العدالة يتطلب الوعي والإدراك بأن كل شخص يمثل عنصرًا مهمًا في قضيته. يجب علينا أن ندرك أنه إذا سكت الجميع، سيظل الظالمون في مواقعهم، وستستمر معاناة المظلومين. في النهاية، تتطلب مسؤوليتنا الاجتماعية ألا نسكت في وجه الظلم والجبن، وأن نستشعر أهمية رفع أصواتنا لنصرة الحق. فعدم التصرف أو السكوت يعتبر في الواقع مساعدة على استمرار الظلم، كمن يرى سماً يُلقَى في نهر ويتجاهل الأمر. عندما نتحدث عن حقوق الإنسان في الإسلام، فإننا نتحدث عن حقوق المظلومين والمحرومين. لقد أوضح القرآن الكريم أهمية العمل على رفع الظلم عن هؤلاء، فكما يقول الله تعالى في سورة الشورى، الآية 42: "وَمَا أَصَابَكَ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكَ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ." إذاً، يجب أن نكون حساسين تجاه معاناة الآخرين وأن نعمل بجد لبناء مجتمعات عادلة. بهذا، وعندما نصطف جميعًا مع المظلومين، يمكننا أن نبدأ في بناء مستقبل أفضل يستند إلى أسس العدالة والمساواة. إن قتال الظلم ليس واجبًا فرديًا فحسب، بل هو واجب جماعي يتطلب تضافر جهود الجميع. وفي النهاية، نحن جميعًا جزء من هذه الأمة، وبالتالي نحن جميعًا مسؤولون عن نشر العدل والحق في كل بقعة من الأرض، ولنذكر دائمًا أنه كما يُقال: "الظلم ظلمات يوم القيامة." لذلك، يجب أن نجعل من دفاعنا عن حقوق المظلومين هدفًا رئيسيًا في حياتنا، لنكون قدوة للأجيال القادمة، ونُعزّز ثقافة العدل والمساواة في مجتمعاتنا. وليس في هذه العبارات دعوة للاستسلام للأحزان، بل دعوة لمعالجة القضايا بشجاعة وثبات. إن بإمكان كل فرد أن يحدث فرقًا، شرط أن يؤمن بقضيته ويدافع عنها بقوة، وفقًا لما جاء في الذكر الحكيم.
في يوم من الأيام في السوق، كان اثنان يتحدثان. أحدهم تحدث عن الظلم الذي تعرضت له عائلة مظلومة. الآخر اعتذر قائلاً: "ماذا يمكننا أن نفعل؟" حينها، اقترب رجل من بعيد وقال بصوت عالٍ: "هل الصمت أمام هذه الظلم صحيح؟ لدينا واجب أن نكون صوت المظلومين!" resonated هذه الكلمات مع الجميع، وقرروا أن يتحدوا لمساعدة المظلومين.