ما هي الصفات المذكورة في القرآن للشخص الكنود (ناكر الجميل)؟

الإنسان الكنود في القرآن ينسى النعم، ويُصاب بالغرور، ويعود إلى الذنوب بعد زوال الشدائد. وبدلًا من الشكر، فإنه يكفر بالنعم مما يؤدي إلى عواقب وخيمة.

إجابة القرآن

ما هي الصفات المذكورة في القرآن للشخص الكنود (ناكر الجميل)؟

في القرآن الكريم، ذُكرت خصائص متعددة للشخص الكنود (الناكر للجميل) والكافر بنعم الله. هذه الصفات لا تدل فقط على نقص في الإيمان أو إنكار لوجود الله، بل تكشف عن عمق الضعف الروحي والأخلاقي في نفوس هؤلاء الأفراد. الكنود، الذي غالبًا ما يُعبر عنه في النصوص الدينية بـ 'كفر النعمة'، يقف في مقابل الشكر، وتترتب عليه عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة. إن معرفة هذه الصفات تساعدنا على تجنب الوقوع في فخ الكنود، واختيار طريق الشكر. من أبرز سمات الشخص الكنود هي النسيان وإنكار مصدر النعم. هؤلاء الأفراد، عندما يجدون أنفسهم في رخاء وراحة، ينسون المنعم الحقيقي، وهو الله، وينسبون النعم إلى جهدهم أو ذكائهم أو حظهم. يشير القرآن الكريم في سورة الزمر، الآية 8، إلى هذه الحالة: "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". هذه الآية توضح بجلاء أن الإنسان الكنود يتجه إلى الله عند الشدائد، ولكن بمجرد زوال المشكلة، ينسى مصدر الرحمة، بل وبدلًا من الشكر، يتجه إلى الشرك والضلال. هذا النسيان هو جذر العديد من الانحرافات اللاحقة. سمة أخرى هي الغرور والكبر. غالبًا ما يُصاب الشخص الكنود بالتعالي والغرور، ويتصور أن كل ما يملك هو حقه الطبيعي ونتيجة لاستحقاقاته الذاتية. هذا الغرور يمنعه من رؤية يد الله المعينة، ويجعله لا يشكر فحسب، بل قد يتكبر على أوامر الله. قصة الرجل الغني في سورة الكهف (الآيات 32-44) هي مثال حي على هذه الخصلة. فرأى جناته الغناء وثرائه الوفير، قال بكبر وغرور: "وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا" (الكهف، الآيتان 35-36). هذه الكلمات تعكس الغرور ونسيان قدرة الله الأزلي، ولم تسفر عن شيء سوى هلاكه ودماره. هذه القصة توضح كيف يمكن أن يؤدي الكنود إلى الكبر وإنكار الحقائق. الصفة الثالثة هي الميل إلى التمرد وتجاوز الحدود الإلهية. عندما يصبح الفرد غير مبالٍ بنعم الله، فإنه لا يرى نفسه بحاجة إليه، وهذا يدفع به نحو الخطيئة وتجاوز الحدود الإلهية. يقول القرآن في سورة العلق، الآيتان 6-7: "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ". هذا الاستغناء نابع من عدم فهم الاعتماد على الله ونسيان نعمه، مما يؤدي إلى الطغيان والعصيان. فالشخص الكنود، لأنه لا يعرف قيمة ومصدر ما يملك، فإنه يسهل عليه أن ينفقه في الباطل ويظلم الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الندم وقت البلاء وعدم الاعتبار هو سمة أخرى من سماتهم. عندما تحل بهم المصائب والشدائد، قد يستغيثون ويتوبون إلى الله، ولكن بعد زوال البلاء، يعودون إلى حالتهم السابقة ولا يتعظون مما رأوا. هذه الدائرة المفرغة تبقيهم في حالة دائمة من الكنود والندم، وتمنعهم من النمو الروحي. يذم القرآن هذا السلوك مرارًا، ويعتبره علامة على قلة البصيرة وقسوة القلب. في الختام، يُصوّر القرآن الكريم الإنسان الكنود بأنه شخص يقع في الغفلة والنسيان والغرور والتكبر عندما يواجه النعم الإلهية. ينسب النعم إلى نفسه، ويكفر بها بدلًا من أن يشكر، ويتجاوز الحدود الإلهية. نتيجة هذا الكنود هي فقدان البركات، والوقوع في العذاب الإلهي، والحرمان من الهداية. في المقابل، يحث القرآن المؤمنين على الشكر، ويعد بأن الشكر يزيد النعم، كما جاء في سورة إبراهيم، الآية 7: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ". لذا، فالكنود في القرآن ليس مجرد صفة أخلاقية مذمومة، بل هو مرض روحي وعامل هلاك يبعد الإنسان عن القرب الإلهي.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُروى في گلستان سعدي أن ملكًا كان ثريًا ومتكبرًا. لقد كان غارقًا في نعمه لدرجة أنه نسي أن كل هذا من فضل الله. وكلما ذكره أحد بالشكر، كان يقول بغرور: "كل هذا نتيجة لتدبيري وقوتي!" ذات يوم، ضرب قحط شديد المملكة، وبدأت ثروته تتلاشى تدريجيًا. الملك، الذي كان يرى نفسه مستغنيًا بالأمس، أصبح الآن عاجزًا وفقيرًا. حينها تذكر كيف نسي المنعم الحقيقي في أوج النعم. لقد علمته هذه التجربة المريرة أن النعم أمانة من الله، وأن الكفر بها مفتاح زوالها. أصبح فيما بعد حاكمًا متواضعًا وشاكرًا، وأدرك أن السلام الحقيقي يكمن في رضا الله وشكر النعم.

الأسئلة ذات الصلة