في القرآن ، يُعتبر التفكير والعقل علامات المؤمنين في حين أن عدم التفكير ينشأ من الإهمال والجهل والأنانية.
تعتبر العقل والتفكير من أهم الخصائص التي يميز بها الإنسان، وقد أولى القرآن الكريم هذا الموضوع اهتماماً خاصاً، حيث يشجع الله المؤمنين على استخدام عقولهم وتفكيرهم العميق في آيات الله وسننه. في سورة آل عمران، الآية 191، نجد دعوة صريحة للتأمل والتفكر في مخلوقات الله: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب". هذه الآية جوهرية في فهم العلاقة بين الإيمان والعقل، حيث تبرز أهمية التفكير العميق في دلالات الوجود والكون المحيط بنا. لا يقتصر دور العقل في حديث القرآن على كون التفكير ميزة للمؤمنين، بل يذهب القرآن إلى توضيح عواقب عدم التفكير أو الإهمال في استخدامه. في سورة الجاثية، الآية 23، يخبرنا الله: "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ". يظهر هنا أن الأفراد الذين يسلمون عقولهم لرغباتهم الشخصية دون تفكر أو وعي يكون مصيرهم الضلال، مما يقودهم إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة تستند إلى الأهواء بدلاً من العقل. إن عدم التفكير قد يرتبط أيضاً بالجهل ونقص المعرفة. في سورة البقرة، الآية 269، يقول الله: "يُؤتي الحكمة من يشاء ومن يُؤتَ الحكمة فقد أُوتِيَ خيرًا كثيرًا". هنا، يُظهر النص أن الحكمة والتفكير السليم هما ثمرة من ثمار المعرفة. هذا يعني أن التفكر والتأمل يتطلبان أساساً من العلم والمعرفة، وأن من يفتقر إلى المعرفة قد يجد نفسه بعيداً عن فهم حقائق الحياة. لذلك، يُظهر القرآن الكريم بوضوح أهمية العقل والتفكير في حياة المؤمن. فإعمال العقل يقود إلى إدراك أعمق للحقائق وينمي القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة المستندة إلى الفهم والعلم. وقد كان على المسلمين عبر العصور أن يدركوا أن الدعوة إلى التفكير ليست دعوة بسيطة بل هي أمر مركزي في التعاليم الإسلامية. إحدى القضايا المعاصرة التي تعكس افتقار بعض الأفراد إلى القدرة على التفكير النقدي هي ظاهرة انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الزائفة. إن عدم التفكير والتحليل يرجع إلى جهل بعض الأفراد بآليات البحث والتحقق، مما يجعلهم عرضة للانخداع. لهذا، يعكس هذا عدم وعيهم وقلة معرفتهم بأهمية التحقق من الحقائق قبل تبني أي فكرة أو رأي. إن استخدام الفكر النقدي في التعامل مع المعلومات المتاحة اليوم أمر بالغ الأهمية. وبدلاً من اتباع ما يُقَال دون تدقيق، يُشجع الإسلام أتباعه على تنمية عقولهم وفهم النقاشات والأفكار المطروحة بفهم وعقلانية. هذا يتطلب مثلاً دراسة النصوص الدينية بعناية، والبحث عن المعنى الحقيقي لتوجيهات الله، وهو ما يعزز من قدرة الشخص على اتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى المعرفة والفهم. الحكمة ليست محصورة في دائرة دينية أو روحانية، بل تُعتبر جزءاً أساسياً من الحياة اليومية. تظهر الحاجة الملحة إلى تجدُّد الفكر وتأهيلي العقول في مواجهة التحديات التي تجلبها حياة العصر الحديث. في ظل الانفتاح على المعلومات والتفاصيل المعقدة، يُصبح من المهم جداً أن ينشر المؤمنون الرسالة القرآنية السامية التي تدعو إلى استخدام العقل والفكر وتفادي السقوط في فخ الجهل والغباء. ليس هناك أدنى شك في أن التفكير الجيد يمكن أن يؤثر على جميع جوانب حياة الفرد. من اتخاذ القرارات الصائبة إلى فهم العلاقات بين الناس وأساليب الحياة المختلفة، كل ذلك يتطلب مستوى عالياً من الفكر والتقدير. وعندما نتحدث عن تأثير القرآن في هذا الصدد، يتبين لنا أن دعوة الله إلى التفكير والتأمل كانت منذ الأزل وما زالت حاضرة في حياتنا اليومية. في الختام، يجب أن نتذكر أن القرآن الكريم يضع التفكير والعقل في قلب الإيمان. إن دعوة الله لنا للتفكر في آياته هي دعوة للعقلاء المفكرين، الذين يسعون جاهدين لتحقيق فهم أعمق لهذا الوجود والحياة. إن الإسلام لا يقبل الانفصال بين الإيمان والعقل، بل يُعزّز منهجه بتعزيز القدرة على التفكير والفهم والنقد، وهو ما يجعل من المسلم الحقيقي مفكراً، عالماً، وباحثاً عن الحقائق. إن التحقق من المعلومات وتطبيق الفكر النقدي يساعد في بناء مجتمع واعِ ومتعلم، يساهم بفهم أكبر لأمور الدين والدنيا.
في يوم من الأيام، كان رجل ضائعًا ومتعبًا في قلب الغابة. كان مرتبكًا ومحبطًا، يتساءل لماذا بدا كل شيء غير مرتب. فجأة تذكر الله وبدأ في التفكير في حياته وسلوكه. أدرك لماذا كان غير مبالي وغافل في بعض الأمور في الحياة. قرر من ذلك الحين فصاعدًا أن يولّي مزيدًا من الاهتمام للقرآن وآياته وأن يتأمل في حياته أكثر.