الكفر بالنعمة ينشأ من تجاهل الشكر على النعم، كما ورد في القرآن.
الكفر بالنعمة هو مفهوم شديد الأهمية في الإسلام، حيث يعبر عن تجاهل وازدراء النعم التي منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان. إن هذا المفهوم يتكرر بشكل مستمر في القرآن الكريم، حيث يذكر المؤمنين بأن النعم التي يمتلكونها هي هبات من الله وأن تجاهلها يُعتبر نوعًا من الكفر، وهو ما يضر بالروح ويؤدي إلى عدم الرضا. عندما نتأمل في الحياة، نجد أن الكثير من الناس مشغولون بمشاكلهم وتحدياتهم، مما يجعلهم يغفلون عن جمال النعم التي تحيط بهم. فكما جاء في الآية 34 من سورة إبراهيم، يقول الله تعالى: "وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا". توضح هذه الآية وفرة النعم التي أسبغها الله علينا، وتحثنا على التأمل فيها وإدراكها. عندما نتعمق في مفهوم الكفر بالنعمة، نجد أن البعض من العلماء يرون أن هذا الكفر يظهر عندما يفشل الإنسان في رؤية الجوانب الإيجابية للحياة، وينغمس في همومه ومآسيه. إن التركيز على مشكلات الحياة يمكن أن يمنع الشخص من تقدير النعم التي يمتلكها بالفعل. ومن المعروف أن مشاعر الإحباط واليأس قد تؤدي إلى حالة من الكفر بالنعمة، حيث يصبح الفرد غير قادر على رؤية المستقبل بشكل ايجابي. ومن هنا تظهر أهمية الشكر والامتنان في حياة المسلم. في سورة الزمر، الآية 7، نجد تأكيدًا آخر على أهمية الشكر: "إن تكونوا تشكروا يزدكم ومن كفر فإن عذابي شديد". تشير هذه الآية إلى أن الشكر لله على النعم هو الطريق إلى الزيادة في النعم. وبالتالي، ينبغي أن نعبر عن شكرنا لله في كل الأحوال، فالشكر لا يعني فقط اللسان، بل يتطلب العمل على إدراك تلك النعم واعتبارها قيمة. عندما نواجه صعوبات، كثيرًا ما ننسى كيف كنا محظوظين في حياتنا. قد تغمرنا الهموم اليومية إلى درجة تجعلنا نغفل عن كل ما أنعم الله به علينا. لذلك، من الهام أن نتذكر دائمًا النعم وأن نكون شاكرين لها. إلى جانب ذلك، هناك خطر آخر يرتبط بالكفر بالنعمة، وهو فقدان العلاقات الاجتماعية والروحية. الأشخاص الذين يشعرون بعدم الرضا ويظهرون الاستياء في معظم الأوقات يعانون من عزلة عن الآخرين. هذه العزلة تؤثر سلبًا على الروابط الأسرية والاجتماعية، التي هي بحد ذاتها نعمة من نعم الحياة. إذا استطعنا فهم عظمة النعم التي أنعم الله بها علينا، سنحظى بحياة أكثر سعادة ورضا. فإنه من خلال الاعتراف بالنعم والامتنان لها، يمكننا الاقتراب من الله تعالى وزيادة دافعنا للعبادة. فالفشل في القيام بذلك لا يؤدي فقط إلى الكفر بالنعمة، بل يتسبب أيضًا في فقدان السعادة وراحة البال. لذا، من المهم أن يتأمل المسلمون في آيات القرآن وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تحث على الشكر، وأن يتحلوا بروح الامتنان في كل لحظة من حياتهم. فالامتنان هو مفتاح السعادة وأول خطوة نحو حياة مليئة بالرضا. ينبغي علينا أن نستغل وقتنا في التفكير في النعم التي لدينا، والاحتفال بها، ومشاركتها مع الآخرين، فهذا من شأنه أن يوفر لنا متعة ورضا أكبر في حياتنا. في النهاية، إذا أردنا أن نحيا حياة مليئة بالرضا والسعادة، يجب علينا أن نمارس الشكر والامتنان في شتى جوانب حياتنا. يتطلب ذلك الوعي والنظر إلى الحياة من منظور إيجابي، مهما كانت الظروف. علينا أن نتذكر أن النعم ليست فقط الأشياء المادية، بل تشمل مجموعة واسعة من الأمور التي قد نأخذها كأمر مسلم به، مثل الأسرة، الصحة، الأصدقاء، والمجتمع. باختصار، إن الكفر بالنعمة هو دعوة لنا لتأمل النعم والإدراك بقيمتها، والشكر عليها في كل الظروف، وهو ما يقودنا نحو رضا الله وراحة النفس.
كان يعيش رجل ذات يوم في حقول شاسعة. كل يوم، أصبح مدركًا للنعم من الله لكنه لم يظهر الشكر. في يوم من الأيام، تأمل في جميع النعم التي منحها له وقرر التعبير عن امتنانه. كانت نتائج هذا القرار إيجابية للغاية أن عاش حالة عقلية أفضل وأكثر سلامًا.