قد تنشأ شعبية العصاة من الرغبات الدنيوية، لكن المحبة الحقيقة تُكتسب عند الله.
يستكشف القرآن الكريم مفهوم العصاة وشعبيتهم بطريقة عميقة ومعقدة. في العديد من الآيات القرآنية، يسعى الله تعالى ليُعطي توضيحات شاملة حول طبيعة الدنيا وزيفها، وينبّه عباده إلى حقيقة أن شهرتهم أو شعبيتهم قد تكون في هذه الحياة ليست بالضرورة دليلاً على القرب منه. فالدنيا، كما هو معروف، دار فانية، ولا يمكن أن يقاس النجاح والشخصية فيها بمدى جاذبية الإنسان أو تمتعه بمقدمات الدلال والثروة. في سورة آل عمران، الآية 14، يقول تعالى: "زُينَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الْذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالزَّرْعِ ۚ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالَّلهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَئَابِ". تشير هذه الآية إلى أن الشهوات والرغبات الدنيوية يمكن أن تخلق جاذبية لشخصيات قد لا تكون محبوبة لدى الله. إذ يلتف الناس حول العصاة، بل أحيانًا يعظمونهم بسبب مظاهرهم الجذابة وقدرتهم على تلبية احتياجاتهم، ولكن هذه الشعبية لا تعكس الحقيقة الغائبة التي يجب أن تبقى أمام أعين المؤمنين. إن التعبد لله والالتزام بأوامره لا يتطلب وجود شعبية وقتية، بل يتطلب عملاً صالحًا نابعًا من صدق النية والإيمان. في المقابل، يمكن أن تكون العصاة معروفين بشعبيتهم وقدرتهم على إدهاش الناس وإغراء البعض بحياتهم البراقة، لكنهم في عبوديتهم للشهوات يقضون على أنفسهم رويدًا رويدًا، ويبتعدون عن الحب الحقيقي الذي يتوق إليه كل إنسان مؤمن. هذا التناقض بين سطحية المحبوبية الدنيوية والعمق الروحي للحب الإلهي يتضح في الكثير من الآيات القرآنية. علاوة على ذلك، يلقي القرآن الكريم الضوء على أهمية الأعمال الصالحة، حيث يُعتبر من يقوم بأفعال الخير والبر محبوبًا عند الله. كما هو موضح في سورة المؤمنون، الآية 11: "أُو۟لَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ"، شاكرًا الذين يسعون في طاعة الله ويتقربون إليه بالعمل الصالح. ويوضح هذا المعنى أن حب الله عز وجل هو الأسمى، وأن العصاة الذين لا يبالون بأحكامه لا يحققون مكانة عالية أو قيمة حقيقية في نظر الخالق. بل إن العصاة، رغم كونهم مصدراً لجذب بعض الناس، يظلون بعيدين عن الله، وبدلاً من أن يكونوا مثالاً يُحتذى به، يتحولون إلى رموز للفشل الروحي. إذًا, تفيدنا الآيات القرآنية أن الحياة الدنيوية ليست بمقصدها، وإنما هي وسيلة لتحقيق العبودية الحقيقية لله، وتحقيق الطموحات النفسية والروحية. في الزمن الذي نعيشه اليوم، لم يعد من النادر أن نجد شخصيات عامة أو مشاهير تتصدر الأخبار وتكون محط أنظار الناس بصورة متواصلة، ولكن ما يجب أن يعرفه الجميع هو أن هذه الشعبية يمكن أن تكون لبسٍ حالٍ بل وقد تكون فخًا يصطاد فيه الشيطان. فالكثير من العصاة يبدون على السطح كجنود للأنا والشهرة، لكن بينهم وبين الله مسافة شاسعة، وهذه المسافة هي التي تُبقيهم بعيدين عن النور والهدى. ولذا، نجد في القرآن دعوة واضحة لنكون واعين لطبيعة هذه الحياة ونسعى للبحث عن القرب من الله عبر الطاعات والأعمال ورفع قدرها في قلوب الأمم. إن القيمة الحقيقية التي يحملها الإنسان هي ليست ما يتلقاه من إعجاب أو تفضيل بشري، بل هو ما يكسبه من حب الله ورضاه، والذي لا يُعطى إلا للصالحين المخلصين. في الختام، يمكن أن نستنتج من خلال تأملات آيات القرآن أن شعبية العصاة وبالتالي نجاحاتهم في الحياة الدنيا قد تكون مؤقتة، لكن الشجاعة الحقيقية والقرب الحقيقي من الله يتطلبان عملاً نبيلاً طيبًا يُتوج بالإيمان الخالص. إن محبة الله في موازين الحساب الدنيا والآخرة هي الهدف المنشود لكل مؤمن حقًا، والرغبة العميقة لتحقيق ذلك تظل نصب أعيننا في كل خطوة نخطوها في الحياة.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يُدعى رضا يفكر في سبب بقاء بعض العصاة محبوبين. تذكر آيات القرآن وقرر التركيز على الأعمال الصالحة بدلاً من الانتباه إلى آراء الآخرين. بعد فترة ، لاحظ أن حياته أصبحت أفضل بكثير وأكثر إشباعًا حيث ركز على محبة الله وقيام بأعمال الخير. جعل هذا التغيير في حياته محبوبًا بشكل طبيعي في قلوب الآخرين.