يجب أن تُقام الأعمال الصالحة بنية خالصة من أجل الله وليس لجذب انتباه الآخرين. إن التفاخر بالأعمال الصالحة يجردها من قيمتها ونقائها.
إن القيم الأخلاقية والدينية تمثل حجر الزاوية في بناء المجتمعات الإنسانية، فالأخلاق تُعزز أواصر المودة والاحترام بين الأفراد وتجعل حياة الناس أكثر سعادة واستقرار. في هذا السياق، يُعتبر موضوع الأعمال الصالحة وأهميتها في الدين الإسلامي من المواضيع المركزية التي تحظى باهتمام بالغ، حيث تساهم في تعزيز التآخي والتعاون بين أفراد المجتمع. ولقد شدد الدين الإسلامي على ضرورة العمل بإخلاص في جميع الأعمال، وهو ما يساعد الأفراد على التمييز بين نواياهم وأعمالهم، حيث تبرز أهمية أن يكون العمل خالصاً لله تعالى بعيداً عن الرياء والتفاخر. في القرآن الكريم، نجد دعماً وتشجيعاً واضحاً من الله تعالى للقيام بالأعمال الصالحة، لكنه كذلك يُحذرنا من التفاخر بهذه الأعمال. يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية 264: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُم بِالْمَنّْ وَالْأَذَى". هذه الآية تبرز لنا درسًا مهمًا حول كيفية تقديم الأعمال الخيرية، حيث يجب أن تكون النية مُركزة على إرضاء الله، وليس لجذب انتباه الآخرين أو لتأكيد مكانتنا في المجتمع. فالنوايا الخالصة هي الأداة التي تُحقق قيمة الأعمال وتضمن قبولها عند الله. إن غرض الأعمال الصالحة يجب أن يكون نابعاً من خدمة الله وإرضائه، وهذا يُشير إلى ضرورة أن نكون واعين ونحرص على عدم التفاخر بأعمالنا. فإن الله تعالى في سورة النور، الآية 31، يوجه رسالته إلى المؤمنات ليغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، وهذا يُظهر لنا أهمية الوعي واستشعار القيمة الحقيقية للأعمال التي نقوم بها. وإذا تفاخرت النفس بأعمال الخير، فإن ذلك قد يفقدها قيمتها الروحية والنفسية، مما جانب الأموال للقيام بواجبات ومعاملات الحياة اليومية. كما أنه ثبت في الأحاديث النبوية الشريفة أن أعمال الإنسان تُسجل في سياق الإخلاص والنية. عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قال: "أعظم الناس في يوم القيامة من يستر أعماله الصالحة". وهذا يُشير إلى أن الله تعالى لا ينظر إلى مظاهر العبادة والطاعة أمام الناس، بل ينظر إلى النية الخالصة في الأعمال. لذا ينبغي على المسلمين أن تكون نواياهم دائماً متجهة نحو الله تعالى مع الحرص على تقديم الخير للآخرين دون انتظار أي جزاء. تتطلب الأخلاق الإسلامية أيضًا مستندات قيود المجتمع، فالشخص الذي ينفق ويحسن إلى الناس، يُظهر بذلك روح التعاون والإيثار، مما يسهم في نشر المحبة والتآزر بين الأفراد. أعمال الخير ليست فقط مُقتصرة على العطاء المادي، بل هي تشمل العطاء الروحي والمعنوي، مثل تقديم النصيحة والدعم العاطفي ورفع المعنويات. كما أن هذه الأعمال تساهم في تخفيف الآلام والمآسي التي تعصف بالمجتمعات وتجعلها أكثر تماسكاً. يجب أن يدرك المجتمع الإسلامي أيضاً أهمية التضامن والتعاون في القيام بالأعمال الخيرية. فالتعاون يشير إلى أخلاق المسلمين ويعكس تعاليم الدين السمحة التي تدعو إلى مساعدة الآخرين والوقوف إلى جانبهم في أوقات الاحتياج. إن الإيثار والعطاء، حتى لو كان صغيراً، يُظهر طبيعة الإنسانية الحقيقية ويسهم في بناء مجتمعات قوية ومترابطة. في الختام، نجد أن الإسلام يُشدد على ضرورة الإخلاص في العطاء والأعمال الصالحة. فلتبقى النية موجهة نحو الله تعالى دائمًا، ولنكُن قدوة حسنة للآخرين في أقوالنا وأفعالنا. يجب أن نتعهد بأن نعمل من أجل الله، ونتجنب التفاخر بأعمالنا، حيث أن السلوك الأخلاقي هو ما يجعلنا نحقق رضوان الله. إن غايتنا من الأعمال الخيرية ينبغي أن تكون تعزيز الحب والتعاون والسلام في مجتمعاتنا، وعلينا أن نُلهم الآخرين لفعل الخير دون انتظار جزاء. فالإخلاص في العمل هو السبيل لتحقيق الأهداف السامية في حياتنا، وهو الطريق إلى الجنة في الآخرة.
ذات يوم، قرر رجل يدعى حسن أن يقوم بأعمال خير ومساعدة الآخرين. ومع ذلك، تذكر أنه يجب ألا يتفاخر بهذه الأعمال. لذلك، كان كل يوم يساعد الفقراء سرًا، معتقدًا أنه يقوم بأفضل عمل. أدرك حسن أنه لا شيء في العالم أجمل من رضا الله، وأن الشعور الجيد في قلبه كان أكثر أهمية من أي شيء آخر.