إن مساعدة الفقراء مذكورة في القرآن وتعتبر علامة على الإيمان.
في القرآن الكريم، تتجلى سمو القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تحث على مساعدة الفقراء والمحتاجين في كثير من الآيات. إن هذه القيم تمثل الجانب الإنساني العميق الذي يُعزز من تماسك المجتمع ويدعم روح التعاطف والمحبة بين أفراده. فالفقراء والمحتاجون هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، واستذكار حالاتهم هو واجب أخلاقي وديني يقع على عاتق كل مسلم. في هذا المقال، سنتناول أهمية العناية بالفقراء والمحتاجين كما وردت في القرآن الكريم وكيف يمكن أن تؤدي هذه العناية إلى بناء مجتمع متماسك ومحب. أولًا: الآيات القرآنية التي تتحدث عن مساعدة الفقراء في سورة البقرة، الآية 273، يقول الله تعالى: "الصدقات للفقراء والمحتاجين...". إن هذه الآية توجه المؤمنين إلى ضرورة إدراك حاجات الآخرين، وتوحي لهم بأهمية الدعم المادي والمعنوي للفقراء. فهذه الصدقات ليست مجرد عمل خيري، بل هي واجب ديني يمليه على كل مسلم أن يسعى لتحقيقه. من المهم أن نفهم أن الصدقة هي ليست فقط مشاركة المال، وإنما هي أيضًا مشاركة الوقت والموارد لدعم المحتاجين. ثم ننتقل إلى سورة المائدة، حيث تأتي الآية 55 لتذكر المؤمنين بأهمية الوحدة والمحبة بينهم فيقول الله: "ولا تدعوا الحب المتبادل بينكم يقودكم إلى الانقسام، اعبدوا الله وحده." في هذه الآية يُبرز الله أهمية الانفتاح والتعاطف، حيث إن مساعدة الآخرين تقوي أواصر الأخوة والمحبة، مما يُساهم في تعزيز وحدة المجتمع. إن تجاهل الفقراء يمكن أن يؤدي إلى الانقسامات والصراعات لعدم وجود توازن بين الفئات الاجتماعية. ثانيًا: أثر مساعدة الفقراء على المجتمع إن مساعدتنا للفقراء لا تقتصر على تحسين أحوالهم فقط، بل تؤثر بشكل إيجابي على المجتمع بأسره. عندما يتعاطف الأفراد مع المحتاجين، فإنهم يُساهمون في خلق أجواء من الإنسانيّة والتعاطف. نجد أن المجتمعات التي تهتم برفاهية أفرادها، خصوصًا الفقراء، تُحقق تقدمًا ملحوظًا في كافة المجالات. فعندما يعيش الناس بكرامة، فإن الفرص تتاح لهم لتطوير أنفسهم ومساهمتهم في المجتمع. علاوة على ذلك، يتحدث القرآن في سورة الإنسان، الآية 8، عن أهمية مساعدة الأيتام والمساكين، حيث يقول: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيماً وأسيراً". في هذه الآية، يُظهر الله لنا أهمية التكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع. إن هذه الأفعال تُساعد في تخفيف المعاناة عن الفقراء وتمنحهم الأمل في الحياة، مما يسهم في بناء مجتمع قوي متماسك. ثالثًا: المسؤولية الفردية والجماعية إن الاهتمام بالفقراء ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو مسؤولية جماعية أيضًا. يجب على الحكومات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورًا فعّالًا في معالجة مشاكل الفقر. إذ يمكن تقديم الدعم اللازم من خلال إنشاء برامج تعليمية وتدريبية ومبادرات تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للفقراء. من المهم أيضًا أن يكون لدينا نظام شامل يوفر الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية لجميع المواطنين، خاصةً الفقراء. إذ إن الاستثمار في تعليم الفقراء وتمكينهم يمكن أن يساعد على كسر حلقة الفقر وينتج عن ذلك مجتمع أكثر ازدهارًا. رابعًا: المنظور النفسي والروحي لمساعدة الفقراء من الناحية النفسية، فإن العناية بالفقراء يمكن أن تُحقق بحياة الأفراد شعورًا بالسلام الداخلي والامتنان. فعندما نساعد الآخرين، نشعر بالراحة والسعادة، مما يعزز من مستوى الإيجابية في حياتنا. إن الأعمال الخيرية والمساعدة تُعتبر وسائل لتطهير النفوس وتعزيز قيم الإيثار والتعاطف التي دعا إليها الإسلام. من خلال مساعدة الفقراء، يُمكن للأفراد أن يُحسنوا علاقتهم بالله، حيث إن هذه الأعمال تعكس البر والتقوى التي يتطلبها الدين. وبالتالي، يتجلى التفاعل بين الإيمان والعمل في بناء الفرد والمجتمع. ختامًا: دور المجتمع في تعزيز قيم العطاء في الختام، إن القرآن الكريم يُشدد على أهمية العناية بالفقراء والمحتاجين كجزء من هوية المسلم. فهذه العناية لا تعكس فقط قيم الإحسان والكرم، بل تُعتبر أيضًا استثمارًا في تحسين المجتمع بأسره. إن تشجيع أفراد المجتمع على التفاعل مع قضايا الفقر عبر الأعمال الخيرية والمبادرات الاجتماعية يُساهم في رفع مستوى الوعي ويساعد على بناء مجتمعات أكثر شمولاً وتماسكًا. لذلك، يجب علينا العمل جاهدين لتعزيز قيم الكرم والعطاء، لأن المجتمع القوي هو المجتمع الذي يرفع من مستوى كافة أفراده، ويدعم الأكثر ضعفًا وضعفًا منهم. ولنتذكر دائمًا أن مساعدة الفقراء والمحتاجين ليست مجرد واجب، بل هي شرف ونعمة تُحلق بنا إلى مراتب أسمى في الدنيا والآخرة.
في يوم من الأيام ، ذهب رجل غني إلى السوق ورأى فقيرًا يعمل طوال اليوم ولكنه لا يزال لا يمتلك شيئًا ليأكله. عند رؤية ذلك ، قرر الرجل الغني إعطاء بعض أمواله له. عندما تلقى الفقير هذه المساعدة ، كان مذهولًا للغاية وصلى ليبارك الله الرجل الغني. تظهر هذه القصة أن اللطف تجاه الفقراء لا يجلب فقط الرضا الشخصي ولكن أيضًا ينير حياة الشخص بنور الرحمة.