فعل الخير يتعلق بالتقرب إلى الله و نفع الآخرين، حتى لو لم يتم ملاحظته.
إن القيام بالأعمال الصالحة يعد من أهم المبادئ التي دعا إليها الدين الإسلامي، وهو جزء لا يتجزأ من تعاليم القرآن الكريم. إن القرآن وهو كتاب الله المعجز، يحتوي على العديد من الآيات التي تحث على فعل الخير وتحث الناس على التصدق ومساعدة الآخرين. إن الأعمال الصالحة سواء كانت على المستوى الشخصي أو الاجتماعي تسهم في بناء مجتمع متكامل يعزز من قيم التسامح والمحبة والتعاون بين أفراده. يتجلى ذلك في العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على ضرورة تقديم العون والمساعدة للآخرين. يقول الله تعالى في سورة آل عمران، الآية 92: 'لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ'. وفي هذه الآية العظيمة، يُبَيِّن الله أننا لن نصل إلى مرتبة البر إلا إذا أنفقنا مما نحب، وهذا يشير إلى أن البذل والعطاء لا يتمثل فقط في الكمية، بل في النوعية والنية. إن التصدق بأفضل ما لدينا، وبما نحب، هو طريقنا للارتقاء إلى مراتب أعلى من الإيمان والتقوى، ويُظهر إخلاصنا في الطاعة لله. كما نجد في سورة المؤمنون، الآية 60، حيث يقول الله: 'وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ'. تؤكد هذه الآية على أهمية الأمانة والصدق في الأعمال، مما يعكس القيم النبيلة المرتبطة بفعل الخير. إن حسن الخلق والسعي الدائم لأداء الأعمال الصالحة يعكس إيماننا الحقيقي وصدقية نوايانا. ولعل من أبرز الفوائد الناتجة عن أعمال الخير هي الأثر الروحي الإيجابي على المُتَعاطي معها، فإن الشعور بالرضا والسكينة والسعادة هي نتائج طبيعية للإحسان للآخرين. علاوة على ذلك، نجد في سورة البقرة، الآية 261، تشبيهاً بليغاً حول الصدقات والأعمال الطيبة عندما قال: 'مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ في سَبيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سُنبُلَاتٍ في كُلِّ سُنبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ'. هذا التشبيه يوضح بجلاء أن الأفعال الجيدة تؤتي ثمارها، وإن لم تُرَ في الحال، فإن نتائجها ستظهر في حياة فاعلها. هذا يذكرنا دائماً بأن اللطف والنفع للآخرين لا يُعتبر في عالم الأعمال الصالحة أمراً مثمراً فقط في الدنيا، بل أيضاً يمتد أثره إلى الآخرة. تُظهر الدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة أن الأعمال الطيبة تُسهم في تعزيز الصحة النفسية للفرد، وتزيد من شعوره بالسعادة والانتماء. فعندما يُسهم الإنسان في تحسين حياة الآخرين، يشعر بمدى أهمية وجوده في المجتمع، مما يعزز من ثقته بنفسه. ويعود ذلك إلى أن قلوب عباده الأوفياء تكون أكثر انفتاحاً، فبدلاً من الانحصار في همومهم الشخصية، يختار المؤمنون التركيز على مساعدة الآخرين وتقديم الدعم لمن هم في حاجة إليه. في هذا السياق، نجد أن الفعل الطيب مرتبط بالعلاقة بين الإنسان وربه، فهو يُعَدّ من أهم السبل للتقرب إلى الله. إن الله يحب المحسنين ويُجازيهم على أعمالهم الصالحة. يقول تعالى في سورة البقرة، الآية 274: 'الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ'. إن الله يعد المحسنين بأجر عظيم ورزق مبارك، وهذا يبعث الأمل في نفوس المؤمنين ويحفزهم للاستمرار في أعمالهم الخيرة. إننا كمسلمين نحتاج دائماً إلى تذكير أنفسنا بأهمية الأعمال الصالحة في حياتنا. يجب أن نكون دائمًا على استعداد لتقديم المساعدة، لا سيما للفئات ضعيفة الحال، مثل الأيتام، والمحتاجين، والفقراء. إن تقديم الدعم لهؤلاء الأشخاص ليس فقط واجباً دينياً، بل هو أيضاً واجب إنساني. إن عمل الخير هو جزء من أخلاق المسلم السوي، ويجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فمن واجبنا كأفراد ومجتمع أن نشجع على الأعمال الخيرية، سواء من خلال تنظيم حملات تبرع أو تقديم المساعدة للأقارب والأصدقاء. قد يكون من خلال الزيارات، أو تقديم الطعام، أو حتى التبرع بالمال لأماكن بحاجة للرعاية. في الختام، إن القيام بالأعمال الصالحة ليس مجرد واجب ديني أو إنساني، بل هو أسلوب حياة يجب أن نسعى جميعًا لتحقيقه. فالأعمال الصالحة تُثمر في الدنيا والآخرة، وتُعزِّز من روابط المحبة والتسامح بين الناس. علينا أن نكون قدوة حسنة لأبنائنا وندعوهم لممارسة الأعمال الطيبة في حياتهم اليومية، لنُعزز بذلك قيم التعاون والإخاء في مجتمعاتنا.
في يوم من الأيام، كان عادل مشغولًا بأعماله اليومية عندما تذكر آيات القرآن. قرر أن يخصص يومه للقيام بأعمال الخير. قال في نفسه: حتى لو لم يرَ أحد ذلك، فإن الله يرى عملي الصالح ويكافئني. لذلك، زار دار المسنين وساعد المسنين باللطف والابتسامة. بعد ذلك اليوم، شعر بشعور كبير من الرضا والسعادة في نفسه.