يجب تجنب التفاخر بأعمال الخير للحفاظ على إخلاصها وقيمتها.
يعتبر التواضع من القيم الأساسية التي دعا إليها الدين الإسلامي، حيث تم تأكيد هذه القيمة من خلال العديد من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن التواضع يعد من أهم الصفات التي يتحلى بها المسلم الصالح. إن التواضع ليس مجرد سلوك بل هو شعور يتواجد في قلب المؤمن، إذ يعكس اعترافه بحقيقة ذاته وعظمة الله سبحانه وتعالى. لذلك، عندما نتحدث عن التواضع، فإننا نشير إلى أهمية هذه القيمة في تعزيز العلاقات الإنسانية وتقوية الروابط الاجتماعية بين الأفراد. إن التواضع يُعتبر وسيلة للتقرب من الله، حيث تظهر فيه نية الساعين لرضا الله وحده، دون إدخال أي نية أخرى في أعمالهم. وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على التواضع وتوضح أهميته، مثل قوله تعالى في سورة الفرقان: "وَعِبادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" (الفرقان: 63). وهذا دليل على أن التواضع ليس فقط في الأفعال بل في الأقوال أيضاً. ومن أهم المفاهيم في التواضع هي الابتعاد عن الفخر والتكبر، حيث جاء في الآية 264 من سورة البقرة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ...". هذه الآية تعطي درساً عظيماً للمؤمنين حول ضرورة أن تكون النوايا خالصة وصادقة عند القيام بالأعمال الخيرية. إن الفخر بتلك الأعمال والسعي نحو اكتساب رضا الناس بدلاً من رضا الله يُفسد النوايا ويقلل من قيمة العمل في نظر الله. إن قيمة العمل الصالح تتأسس على الصدق في النية، إذ يُذكر الأنبياء والمرسلون بنواياهم الصادقة وإخلاصهم في الأعمال. فعندما يُدعى المسلم إلى العمل الجيد، عليه أن يتذكر أن العمل الحسن الذي يبتغي به وجه الله هو العمل الذي يُقبل ويدوم أثره. ويأتي ذلك من خلوص النية وتجنب الفخر واستعراض الأعمال. وفي سورة المائدة، الآية 54، يُشير الله تعالى إلى أهمية كون المؤمنين زاهدين وأمناء عند أداء مهمتهم. هذا يبرز أن التواضع يجب أن يكون جزءاً من حياة المؤمن اليومية. التواضع يجعل الفرد يعيش بتوازن، ويفتح أمامه أبواب العلاقات الطيبة ويساعد في بناء مجتمع متماسك. ويعرض التواضع أيضاً التسامح والعطاء للآخرين دون انتظار ثناء أو مكافأة. عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". هذه المقولة تعكس أهمية النية في الأعمال وأن قيمة العمل ليست في ظاهره بل في باطنه، مما يعني أن التواضع مرتبط بشكل وثيق بالنية الطيبة التي يحملها المؤمن في قلبه. ومع ذلك، يجب أن يدرك المسلم أن التفاخر بأعمال الخير يمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية. فعندما يسعى الفرد لجذب الانتباه بأعماله، قد يتعثر في كسب الاحترام والثقة التي يحتاجها في محيطه. هذا التناقض في السلوك يمكن أن يؤدي إلى صورة سلبية عن الفرد، حتى في عينيه. في نهاية المطاف، يصبح من الضروري أن نعي أن الله تعالى هو العالم بالنيات. فالأعمال التي تُقدم بنية نشر الفخر لن تُقبل، بل يجب أن تكون النية خالصة لتقبل عند الله. ولذلك، يُعتبر العمل السيء كطريق لا ينجم عنه سوى الخيبة والفشل. يجب أن يُسعى في إظهار الإخلاص وتوجيه النية نحو الله، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التواضع يعكس صدق العبودية. بالإضافة إلى ذلك، يُساهم التواضع والإخلاص في تحقيق القبول عند الله، وعندما ينصرف القلب نحو الله، يصبح العمل له قيمة حقيقية، مما يعزز العلاقات الإنسانية والطابع الاجتماعي الجيد. فمتى ما كان العمل خالصاً لله وبدون رياء، ينعكس ذلك إيجاباً على المجتمع والعلاقات المتبادلة بين الأفراد. في الختام، يخلص المسلمون إلى أن التواضع والنية الصادقة هما مفاتيح النجاح في الدنيا والآخرة. إن سبيل الوصول إلى رضا الله يكمن في مصارحة أنفسنا بنوايا خالصة، وإدراك أن الأعمال الصالحة يجب أن تكون من أجل إرضاء الله. خرجنا بأن التواضع ليس مجرد قيمة شخصية، بل استراتيجية حقيقية لبناء مجتمع ناجح ومترابط، وهو ما يعكس القيم الإنسانية الحقيقية التي أراد الإسلام نشرها بين الناس.
في يوم من الأيام ، كان عادل جالسًا بجانب البحر ، يفكر في الأعمال الصالحة التي أنجزها. قرر أن يشارك تلك الأعمال لجذب انتباه الآخرين. فجأة ، فكر في نفسه: "إذا كان الله يعرف نية قلبي ، فلماذا يجب أن أخبر أي شخص آخر؟" ومنذ ذلك اليوم فصاعدًا ، قام بأعمال الخير فقط من أجل الله وفي القيام بذلك ، شعر بسلام أكبر.