يؤكد القرآن على ضرورة التحكم في النظر والحفاظ على العفة، وينصح المؤمنين بإدارة نظراتهم.
يتحدث القرآن الكريم بشكل مستمر عن العديد من القيم والمبادئ الأساسية التي تُعزز من بناء مجتمع متماسك وقوي. ومن أبرز هذه القيم هي مسألة التحكم في النظر والحفاظ على العفة. فالعفة ليست مجرد مفهوم أخلاقي يُنظر إليه بسرعة، بل إنها تتجاوز ذلك لتكون مجموعة من السلوكيات والتوجهات التي تؤدي إلى تحقيق مجتمع صحي وآمن. وهذا المفهوم يُعتبر أساسيًا في حياة الأفراد، حيث إن الحفاظ على العفة يعني حماية النفس والمجتمع من الفتن والمشكلات الأخلاقية. واحدة من الآيات المهمة التي تتناول هذا الموضوع هي آية 30 من سورة النور، حيث يقول الله تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون." هذه الآية توضح كيف أن غض البصر يُعكس الوعي بالمسؤوليات الملقاة على عاتق الأفراد. فغض البصر يُعتبر عنوانًا للسلامة النفسية، وهو علامة على الرقي الأخلاقي. يتجه الله في هذه الآية إلى توجيه المؤمنين نحو أهمية غلق أبصارهم عن ما لا يحل لهم، ولا يخفى على الجميع أن هذه الحصانة النفسية تعكس مدى وعينا بمسؤولياتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين. تأتي أهمية هذه التعاليم أيضًا في كونها حيوية جدًا لأمن المجتمع وسلامته. فعندما يفتح الأفراد أعينهم على المحرمات، فإن ذلك يؤدي إلى العديد من السلوكيات السلبية والأنماط الحياتية الخاطئة التي تؤثر بشكل مباشر على العلاقات في المجتمع. فكلما تمكّن الإنسان من كبح نظراته، كانت لديه القدرة على مقاومة الفتن والأفكار الضارة التي قد تثير الفوضى في حياته. إن النظر إلى ما لا يحل وأيضًا عدم احترام الحدود المعروفة بين الجنسين يمكن أن يؤدي إلى مشاكل وأزمات كثيرة تتمثل في الانحرافات السلوكية وغيرها. تشير الآية إلى أن غض البصر ليس فقط حفاظًا على النفس، بل هو أيضًا حفاظ على ما حولنا. فالتفاعل مع الآخرين بشكل يحترم القيم الدينية والأخلاقية يؤدي إلى بناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة. العفة هنا تُعتبر زكاة للنفس، كما جاء في الآية، مما يعكس أن من يحافظ عليها سيكون له مكانة عالية عند الله. بالإضافة إلى ذلك، تأتي الآية 31 من نفس السورة لتوجه النساء المؤمنات بالاحتراز في نظراتهن وملابسهن، حيث يقول الله تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جِيُوبِهِنَّ..." هذه الآية تشير إلى أهمية الحجاب في حماية المرأة وتوعية المجتمع بأهمية الاحترام في التعامل. ما يسعى إليه القرآن من خلال هذه الآيات هو بناء مجتمع منسجم تسود فيه القيم الأخلاقية النبيلة. العفة ليست مجرد أمور شخصية، بل هي سلوكيات تسهم في بناء بيئة آمنة وصحية للجميع. في عالم اليوم، حيث تزداد وسائل الاتصال وتتنوع، يصبح من الضروري التقيد بهذه التعاليم لتجنب الفوضى والاختلاط المفرط الذي قد يؤثر سلبًا على المجتمع. إن الحفاظ على العفة واحترام الحدود في النظرات والسلوكيات، يعكس مدى الوعي المجتمعي ويشجع على زيادة الاحترام والمودة بين أفراد المجتمع. التوجيهات الموجهة للرجال والنساء على حد سواء تساهم في تعزيز الفضائل وتعليم الأجيال الناشئة أهمية هذه القيم، مما ينعكس بدوره على سلوكياتهم وممارساتهم اليومية. إلى جانب ذلك، فإن التعامل مع الآخرين باحترام ووعي يعزز من روح التعاون والمشاركة بين الأفراد. وبالتالي، تكون النتائج إيجابية على المستوى الاجتماعي. فكلما زاد النشاط الإيجابي بين الأفراد تبع ذلك تطور نفسي واجتماعي يعود بالنفع على المجتمع ككل. إن العودة إلى قيم العفة والتحكم في النظر لا تعني فقط الالتزام بالأخلاق، بل أيضًا تحقيق نوعية حياة أفضل، والقضاء على السلوكيات السلبية. لهذا يجب أن نتذكر دائمًا أن القيم الأخلاقية هي الأساس الذي يُبنى عليه المجتمع القوي والمستقر. في الختام، تبرز آيات سورة النور بوضوح أهمية التحكم في النظر والحفاظ على العفة كقيمة رئيسية تشكل أساس العلاقات الإنسانية. العفة ليست مجرد مفهوم ديني، بل هي أسلوب حياة يؤسس لبناء المجتمعات القوية المستقرة التي تراعي كرامة الأفراد. لذا يجدر بنا كمسلمين أن نُفعّل هذه التعاليم في حياتنا اليومية، ونجعلها أسلوب حياة يُلهم الأجيال القادمة لبناء مستقبل مشرق قائم على الأخلاق والقيم النبيلة.
في يوم من الأيام ، ذهب رجل يُدعى حسن إلى السوق وأثناء مشاهدته لمختلف الزخارف ، رأى فجأة امرأة جميلة تمر. تذكر آيات القرآن وقرر أن يوجه نظره بعيدًا عنها. لم تمنعه هذه القرار فقط من الخطأ ، بل أعطته أيضًا شعورًا أكبر بالسلام. فكر حسن في نفسه أنه من خلال التحكم في نظره والحفاظ على العفة ، يمكنه أن يعيش حياة أفضل.