يؤكد القرآن الكريم على مسؤولية الأفراد تجاه النعم؛ الشكر هو وسيلة لتعزيز الإيمان وزيادة النعم.
إنّ القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز، الذي يحتوي على الكثير من الدروس والعبر التي تنظم حياة الأفراد والمجتمعات. من بين أهم المواضيع التي يتناولها القرآن الكريم هو قيمة الشكر والمسؤولية تجاه النعم والموارد المادية التي يمتلكها الإنسان. يُظهر هذا المفهوم أهمية الوعي بالمكانة التي يحتلها الشكر في الإسلام وأثره في حياة المسلم. تتجلى تعاليم الشكر بشكل واضح في سورة البقرة، حيث يأمر الله تعالى عباده في الآية 152 بالقول: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"، مما يبرز أهمية الحفاظ على ذكر الله في قلوبنا. هذا التوجيه الإلهي ليس مجرد واجب، بل هو دعوة لإدراك الهدايا الإلهية وفهمها بشكل عميق. من خلال هذا الاعتراف بالفضل والنعم، ينمّي المؤمن شعورًا بالامتنان والعرفان لله تعالى. إن الشكر يُعتبر مظهرًا من مظاهر العبادة الحقيقية؛ إذ يعبر المسلم عن إحسان الله في كل جوانب حياته. كما أنه يعزز من الإيمان ويقوي العلاقة بين العبد وربه. في هذا السياق، نجد أن الشكر ليس مجرد كلمات تُقال، بل يتطلب من المسلم الالتزام بتوجيه هذه النعم فيما يرضي الله، وفي مساعدة الآخرين. في سورة إبراهيم، الآية 7، يؤكد الله تعالى على أهمية الشكر بقوله: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَإِن كَفَرتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ". هنا، يتضح أن الشكر ليس فقط مسألة اعتراف بالفضل، بل هو مفتاح للزيادة والبركة. إذا شكر الإنسان الله على نعمه، فإن الله يعده بالزيادة في تلك النعم. ومن جهة أخرى، فإن عدم الشكر يقود إلى العذاب. هذه الآية تتحدث بصراحة عن الثواب والعقاب، مما يعكس القيمة العالية للشكر في الإسلام. إن القرآن يطرح تساؤلات مهمة تعكس الأمل والمسؤولية التي يتحملها الأفراد تجاه حياتهم ونعمهم. في سورة المؤمنون، الآية 115، يسأل الله تعالى: "أَظَـنَنتُم أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثًۭا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ؟". هذا التساؤل يدعو إلى التفكير العميق بشأن الغرض من الوجود والموارد التي منحها الله للإنسان. فكل فرد مسؤول عن استخدام ما لديه من نعم بطريقة تُرضي الله وتجلب الخير للجميع. يحتاج المسلمون إلى إدراك أن النعم ليست مجرد سلع مادية، بل هي هدايا من الله بمسؤولية كبيرة. إن استخدام النعم في مساعدة الآخرين وتقوية الإيمان هو حقًا علامة على الشكر. فحين يستخدم الفرد موارده لتقديم الدعم والمساعدة للآخرين، فإنه يعكس وعيًا عميقًا بالمبادئ الإسلامية التي تدعو إلى التعاون والتكافل الاجتماعي. إن مسؤولية الشكر تتجاوز مجرد الكلمات؛ فهي تتطلب العمل بجد وإخلاص لتحقيق الأهداف النبيلة. مثلًا، يمكن للفرد أن ينشئ مشاريع خدمية لخدمة مجتمعه، أو أن يتطوع في مؤسسات خيرية، أو حتى أن يساعد المحتاجين بموارده الخاصة. هذا الشكل من الشكر يعكس اهتمامًا حقيقياً بالآخرين ويُعزز من الروابط الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الأفراد الإكثار من الدعاء والتضرع لله، حيث إن الدعاء يُعتبر من صور الشكر أيضاً. فقد أوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالاستغفار والدعاء كوسيلة للشكر. ختامًا، يجب أن يدرك المسلمون أن قدراً كبيراً من النعم التي يعيشونها هو نتيجة لشكرهم وإيمانهم. فالله يعد الذين يشكرونه بالزيادة في النعم، بينما يُهدد الذين يكفرون بالنعم بالعذاب الشديد. إن شكر النعم يتطلب من الأفراد أن يكونوا واعين لمشاعرهم تجاه ما أنعم الله عليهم، كما يجب أن يتم تعزيز هذا الشعور من خلال الأفعال الملموسة. لذا يجب أن يعيش المسلمون هذه القيم، ويعملوا على تحقيق شكراً فعلياً من خلال الأفعال والأقوال التي تُظهر حبهم وامتنانهم لله، بالإضافة إلى مسؤوليهم تجاه مجتمعاتهم. إن هذه المسؤولية تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من إيمانهم وتعبيراً حقيقياً عن شكرهم لله على جميع بركاته ونعمائه.
في يوم من الأيام ، كان علي جالسًا في حديقته يتأمل كيف يمكنه الاستفادة بشكل أفضل من نعم الله. قرر أن ينمي دائمًا الرحمة والمحبة للآخرين في قلبه وأن يساعد جيرانه والمحتاجين. بعد فترة ، أدرك علي أن حياته مليئة بالسعادة والرضا. عبّر عن شكره لله ، معلنًا أنه دائمًا مستعد لمشاركة نعمه مع الآخرين.