السيطرة على اللسان تتضمن الوعي بكلماتنا وتجنب الكلمات غير الضرورية وغير المرغوب فيها.
يسعى القرآن الكريم إلى توجيه المؤمنين نحو سلوكيات إيجابية وتصرفات راقية، ومن بين هذه السلوكيات تأتي أهمية السيطرة على اللسان وتجنب الحديث غير المرغوب فيه. يمكن أن تُشكل الكلمات التي نتحدث بها مدخلات لأعمالنا وتصرفاتنا، ولذلك يُعتبر الحديث الطيب والمناسب أحد أهم الأسس التي يجب أن يسعى المؤمنون لتحقيقها. يعتبر الكلام جيداً علامة من علامات الإيمان، حيث أن الشخص المؤمن يعرف أن المسئولية الكبيرة تأتي من النطق، فهو إن تحدث بكلام حسن، استغفر الله واعتذر إن تحدث بكلام خاطئ. انطلاقًا من ذلك، يخبرنا القرآن بضرورة تحري الدقة في الكلمات، كما في الآية الكريمة من سورة الأحزاب: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا". تدعو هذه الآية المؤمنين إلى أن يكونوا حذرين في الأقوال، مما يعني ضرورة اختيار الكلمات بعناية لتحقيق التأثير الإيجابي. الحديث السديد هو الذي يتماشى مع تعاليم الدين ويعكس الشخصية القويمة. \n\n وتبرز أهمية السيطرة على اللسان أيضًا في سورة لقمان، الآية 19، حيث جاء فيها: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ۖ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْخَسِّ". تحذرنا هذه الآية من التحدث بصوت مرتفع، مما يشير إلى ضرورة احترام المحيطين بنا وتجنب الكلمات الصاخبة التي قد تزعج الآخرين. ويتضح من ذلك أن الحديث الهادئ والمميز يعكس الاحترام والتهذيب في التعامل مع الناس. \n\n علاوة على ذلك، ينبه القرآن الكريم إلى قضايا الغيبة والتحدث عن الآخرين بطريقة غير لطيفة. في سورة الحجرات، الآية 12، نجد التحذير: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثمٌۭ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا". هذه الآية تؤكد أهمية الانتباه إلى ما نقوله عن الآخرين وتجنب الشائعات أو الأحاديث التي تحمل الإساءة. إن هذه التوجيهات القرآنية تعكس أهمية التواصل بشفافية وصدق، فالكلمات لها تأثير عميق على العلاقات الإنسانية. \n\n إن الخطوة الأولى للسيطرة على لساننا هي أن نكون واعين لما نقوله. يجب أن نختار كلماتنا بعناية، وأن نتجنب الحديث السلبي أو أي ادعاءات غير صحيحة ضد الآخرين. ينبغي علينا التفكير في عواقب كلماتنا قبل التحدث، لتعزيز روح التعاون والمحبة بين أفراد المجتمع. \n\n بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الصلاة والدعاء وسيلة قوية للتغلب على النزعات السلبية في الكلام. من المهم أن نطلب من الله المغفرة والتوجيه في اختيار كلماتنا. إن الدعاء يُعزز من تقوى الله ويُعيننا على تحسين طريقتنا في التواصل مع الآخرين. وفي هذا السياق، يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "من لا يحب أن يُقال له أكرموني، فليكرم الناس". لذا، ينبغي علينا أن نتفكر في طريقة حديثنا وتصرفاتنا تجاه الآخرين، لأن اللّسان يُعبر عن ما في القلب. \n\n تعتبر الكلمات سلاحًا ذا حدين، فإذا استخدمناها بطريقة صحيحة، يمكن أن تبني جسور المحبة والتعاون بين الناس. أما إذا استخدمناها بأسلوب خاطئ، فقد تهدم العلاقات وتسبب النزاعات. لذلك، يجب علينا أن نتحلى بالحكمة في أقوالنا وأن ننشر روح الإيجابية بين أقراننا. \n\n ختاماً، إن السيطرة على اللسان ليست فقط مسؤولية فردية، ولكنها مسؤولية جماعية يجب أن نحرص عليها جميعًا كأفراد ومجتمع. من خلال الالتزام بتعاليم القرآن ورسم مسارات إيجابية في كلامنا، يمكننا تعزيز المحبة والتسامح في المجتمع، مما يُسهم في بناء مجتمعات صحية ومترابطة أكثر. فلنحرص جميعًا على أن تكون كلماتنا سديدة، وأن نكون قدوة حسنة لكل من حولنا، ونسأل الله القبول والهداية. إن قوتنا الحقيقية تكمن في قدرتنا على رسم الفرح والسلام من خلال كلماتنا، فالكلمات الطيبة يمكن أن تثمر أفعالًا خيرية تُضاف إلى ميزان حسناتنا يوم القيامة.
كان هناك رجل يدعى حسن اعتاد على الشتائم وإهانة الآخرين. كان يتحدث بشكل سيء ولم يشعر بصعوبة في ذلك. في أحد الأيام، قال له صديق: "لماذا لا تتحكم في لسانك؟" أدرك حسن أن مشاكله تنبع من كلماته وقرر أن يكون أكثر وعياً. بعد فترة، لاحظ أن علاقاته تتحسن، وقد شعر أيضًا بسلام أكبر.