الرحمة والمغفرة في القرآن لها أهمية خاصة حتى تجاه الناس غير الممتنين.
في تلاث مئة وخمسين سورة، يُجدد القرآن الكريم تأكيده على قيمة ومكانة الرحمة والرفق، بل ويوجهنا الله عز وجل دائمًا نحو ممارسات تتماشى مع مبادئ الخير والإحسان، حتى تجاه أولئك الذين قد نجد في تصرفاتهم بعض جاحدين، أو من يقصدون الأذى. هذه المبادئ يُستفاد منها، وتُلقي ضوءًا على الأخلاق الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها المؤمنون في حياتهم اليومية، ومما يبرز ذلك الآية 67 من سورة الفرقان، والتي تصف المؤمنين بأنهم معتدلون في إنفاقهم، فلا هم مُسرفون ولا مُقترون، بل هم يسيرون على نهج متوازن يُظهر فيه إنسانيتهم. فهم يختارون الوسطية في جميع أمور حياتهم، سواء في الانفاق أو في التعامل مع الآخرين. إن هذه الآية تُعبر عن نهج حكيم، حيث يُظهر الواقع اليومي كم هو ضروري أن نكون متوازنين في تصرفاتنا. فالبذل والإحسان لا يُشترط أن يكون لحُسن تقدير الآخرين أو لمقابلتهم بنفس السلوك، إنما هو تجسيد حي لمفاهيم الرحمة والإحسان التي يدعو إليها الإسلام. إن المؤمن يجب أن يتحلى بمبادئ التوازن والاعتدال، فهو الذي يعمل دون أن ينتظر المقابل من الآخرين، بل يسعى لنشر الخير ليكون جزءًا من الرسالة الإنسانية التي يدعو إليها ديننا الحنيف. وفي سورة آل عمران، نجد في الآية 134 تأكيدًا إضافيًا على مبدأ التسامح، حيث يفوض الله المؤمنين بضرورة العفو ومسامحة الذين يسعون للاعتذار. التوجه نحو التسامح، ينتج عنه تعزيز قيم الرحمة والرفق في المجتمع، وهذا ما يؤدي في النهاية إلى حياة مليئة بالسلام والتفاهم. إن دعوة القرآن للعفو تتسم بالعمق، فهي تدعو الأفراد إلى تجاوز الغضب وتحوله إلى أفعال إيجابية. فقد يشكل العفو فعلًا إنسانيًا مثيرًا للتغيير، ليس فقط في النفس بل في مجتمع كامل. إن التعامل مع الأشخاص الذين يظهرون تصرفات سلبية أو عدم تقدير هو أمر يتطلب منا التفكير في كيفية تحقيق التغيير الإيجابي. غالبًا ما يميل الناس تجاه العنف كرد فعل على الاعتداءات، ولكن تعاليم القرآن تشدد على أهمية اختيار طريق الرحمة بدلاً من ردة الفعل العدائية. فكلما اختار الفرد التعامل مع الآخرين بحسن النية، فقط برغبة في الخير، يمكن أن تأتي النتائج بشكل أفضل. من ناحية أخرى، الآية 34 من سورة فصلت تعيد التأكيد على أهمية رد السيئة بالحسنة، حيث نجد في قوله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" دلالة واضحة على ضرورة تعزيز سلوك الخير، وتفضيله على التفاعل السلبي مع إساءات الآخرين. في ديننا، نُحث على تجسيد العطاء والتسامح، مما يُعزز من روح الإنسانية لدى الجميع، ويعبر عن قدرة الفرد على الإفراط في kindness، وهو ما يضمن أن يسود المجتمع أخلاق الرحمة والمودة. إن التعاليم القرآنية تُسلط الضوء على أهمية أن يكون الإنسان صبورًا ومتسامحًا، مع ضرورة تجاوز ردود الأفعال السلبية التي تناقض القيم الإسلامية. يتوجب على المؤمن أن يحافظ على روح المودة والرحمة في التعامل مع الآخرين، حتى مع الذين يتصفون بالجاحدين أو غير المقدرين. إن تكريس الجهد في توسيع دائرة الفهم والإحسان، هو ما يرفع من شأن المجتمع الإسلامي، ويحقق معنى الرحمة الشاملة. ختامًا، إن الرسالة الأساسية في جميع هذه التعاليم تُشجع على التعاطي بحب وتسامح، وهي دعوة للإنسانية جمعاء. إن استحضار عظمة الرحمة الإلهية في ذواتنا يتيح لنا أن نكون قدوة حسنة لجميع من حولنا، وحتى من يبدون جاحدين. فعندما نُظهر الرحمة في أقوالنا وأفعالنا تجاه الآخرين، يمكّننا ذلك من التأثير في نفوسهم وإحداث تغيير حقيقي. إن التعاليم الإسلامية تحثنا على غرس قيم الرحمة والعطاء، مما يقودنا نحو إنشاء مجتمع متوازن ومسالم. إن ما يُزرع من طيبة وإنسانية سيعود إلى الإنسان بأضعاف في دنياه وآخرته. هذا هو السبيل إلى تحقيق مودة دائمة تقود الجميع نحو التفاهم والسلام.
في زمن بعيد كان هناك رجل يدعى حسن يواجه الكثير من الناس غير الممتنين. كان دائمًا يحاول معاملتهم بلطف وشفقة ، حتى عندما تجاهلوه. أدرك حسن أنه من خلال كونه جيدًا ، لم يجلب السعادة للآخرين فحسب ، بل لنفسه أيضًا. سعى إلى تقريب القلوب من خلال رسائل الحب والمغفرة. أصبحت قصة حسن مثلًا عن الرحمة في مدينته ، وتذكره الناس كنموذج للفضيلة.