مساعدة الفقراء والمحتاجين هي واحدة من الواجبات الأساسية للمسلمين، والتي يتم التأكيد عليها مرارًا في القرآن.
يعتبر القرآن الكريم من أهم المصادر التشريعية في الإسلام، حيث يحتوي على توجيهات وقيم نبيلة تهدف إلى بناء مجتمع متماسك وعادل. واحد من أهم القيم التي يؤكد عليها القرآن هو مساعدة الفقراء والمحتاجين، حيث يعد ذلك واجبا دينيا وأخلاقيا يجب على المسلمين الالتزام به. في هذا المقال، سنسلط الضوء على الآيات القرآنية التي تتناول هذا الموضوع، ونستعرض كيف أن الإحسان إلى الفقراء يُعزز من ترابط المجتمع ويساهم في تعزيز روح التعاون والتكافل بين الأفراد. في سورة البقرة، الآية 177، يوضح الله سبحانه وتعالى أن التقوى ليست متعلقة فقط بالعبادات مثل الصلاة والصيام، بل تشمل أيضا الإحسان إلى الآخرين ومساعدة الفقراء والمحتاجين. يقول الله في هذه الآية: "لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءَ وَالضَّرَّاءَ وَحِينَ الْبَأْسِ ۚ أُو۟لَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُو۟لَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ". توضح هذه الآية أهمية تقديم القوت للمحتاجين وضرورة العناية بالفئات الضعيفة في المجتمع. علاوة على ذلك، نجد في سورة المائدة، الآية 55، تحذيرًا مهمًا للمسلمين بخصوص أهمية الزكاة والمساعدة للفقراء، حيث يقول الله تعالى: "إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويقيمون الزكاة وهم راكعون". هذا يدلل على أن الزكاة لا تعتبر مجرد شعيرة دينية بل هي جزء أساسي من الولاء لله عز وجل ورسوله. وتظهر هذه الآية كيف أن الصلاة والزكاة هما الأسس التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي. وفي سورة التوبة، الآية 60، يحدد الله تعالى الفئات المستحقة لاستقبال الزكاة، مثل الفقراء والمحتاجين. يقول الله في هذه الآية: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله". يبرز ذلك أن تقديم الزكاة ليس فقط واجبًا دينيًا بل هو أيضا يساهم بشكل كبير في تعزيز التكافل الاجتماعي ويساعد على بناء مجتمع متلاحم. إن إدراك كل مسلم بمسؤوليته تجاه الفقراء يُعد خطوة هامة نحو تقديم الدعم والعون لأهل الحاجة. علاوة على ذلك، نجد في سورة الإنسان، الآيتين 8 و9، تكليفًا للمؤمنين بمساعدة الفقراء والمحتاجين، حيث يقول الله تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا". هذه الآيات تُسجل عمل الخير كفعل نبيل يجب أن يكون موجهًا فقط من أجل الله، مما يعكس روح الإيثار والمروءة بين الناس. إن مساعدة الفقراء والمحتاجين هي ليست فقط واجبًا دينيًا، بل تأتي في قلب القيم الإنسانية، حيث أن العطاء والكرم يُساهمان في تعزيز الحب والاحترام بين أفراد المجتمع. ونستطيع أن نرى كيف أن مساعدة الفقراء يمكن أن تغير من حياة الأفراد، حيث أن تأمين القوت الضروري لهم يمكن أن يوفر الفارق بين الحياة والموت للكثير منهم. لذلك، يجب على المسلمين أن يسعوا دائمًا لمساعدة الفقراء والمحتاجين. إن الالتزام بمساعدة من هم في حاجة يُعزز من تماسك المجتمع ويُسهم في تحقيق العدل والمساواة. إن قيم الرحمة والتعاطف التي يروجها القرآن تدعونا للعمل على اكتشاف طرق جديدة لمساعدة الآخرين، سواء عبر تقديم الدعم المالي، أو من خلال العمل التطوعي، أو حتى من خلال مراعاة الظروف التي يعيش فيها الفقراء والمحتاجون. في النهاية، يمكننا أن نستنتج أن القرآن الكريم قد وضع قواعد أساسية لبناء مجتمع متماسك مفعم بالتعاون والمساعدة المتبادلة. إن الالتزام بمساعدة الفقراء والمحتاجين هو مسؤولية تقع على عاتق كل مسلم، وهذا الالتزام يُعتبر أحد أهم أسس إيماننا. لذلك، دعونا نتذكر دائمًا أن مساعدة الفقراء ليست مجرد واجب ديني، بل هي سلوك إنساني يجب أن يتبناه كل واحد منا في حياته اليومية.
في يوم من الأيام، كان هناك مهندس يدعى سليم يمشي في طريقه إلى المنزل عندما لاحظ فقيرًا جالسًا في الشارع، يعاني من ألم الفقر. تذكر سليم الآيات القرآنية التي حثته على مساعدة المحتاجين. قرر أن يعطي بعض النقود لذلك الرجل. عندما سلم النقود، تَمثَّل الخجل على وجه الفقير وأضاء ابتسامة. شعر سليم بالارتياح. أدرك أن مساعدة الآخرين لا تجلب لهم الراحة فحسب، بل تجلب له أيضًا السلام.