للحماية من زلات اللسان ، يجب تجنب الافتراضات السلبية والغيبة وتذكر الله.
في القرآن الكريم، توجد تعاليم عميقة ومفيدة يمكن أن تكون خير معين للمسلم في توخي الحذر من زلات اللسان والتمسك بالحق. إذ إن زلات اللسان تعتبر من الأفعال الضارة التي قد تقود إلى الفتنة والشحناء بين الناس. لقد حثَّ الله تعالى في كتابه العزيز المسلمين على أهمية التريث في الكلام وتجنب الكلمات التي قد تؤدي إلى الفتنة. ومن الآيات التي تعكس هذه التعاليم، آية من سورة الحجرات، حيث يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا فَكَرِهْتُمُوهُ. وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَابٌ رَّحِيمٌ". هذه الآية توضح بجلاء المخاطر التي ينطوي عليها الخوض في حديث الناس من وراء ظهورهم، وتحث على تجنب الظن السيئ الذي قد يكون سببًا في الخلاف والنزاع. فالتفكير السلبي والانتقادات اللاذعة لا تكون إلا ضررًا. تجنب الافتراضات السلبية والتجسس على الآخرين والقدح فيهم يعد من الخطوات الأساسية التي تهدف إلى حماية النفس والمجتمع من الفتن اللفظية التي قد تؤدي إلى التفكك والتباعد. زلات اللسان لم تعد مجرد هفوات عابرة، بل قد تسبب لكثير من أفراد المجتمع عداوات وكراهية. لذا يجب أن نكون حذرين في كلامنا، ونتجنب الأحاديث التي لا تنفع، ونسعى دائمًا لتأليف القلوب وتعزيز العلاقات الإنسانية. كذلك، فإن الآية 18 من سورة ص تؤكد على أهمية المحبة والصداقة بين المؤمنين لتحقيق السلام وتجنب النزاعات، حيث يقول الله تعالى: "وَتَآكَثَرُوا وَتَفَاخَرُوا"، مما يستدعي منا أن نكون أعوانًا لبعضنا البعض ونعمل على تجنب الخلافات اللفظية التي قد تثير الفتن. إن تربية النفس على ضبط اللسان والسيطرة عليه يعد من أجمل الممارسات الروحية التي تعزز العلاقات الإنسانية وتحقق الألفة والمحبة. وبالتالي يُعد ضبط اللسان من أهم القيم والمبادئ التي يجب أن نغرسها في نفوسنا. فالكلام ليس مجرد تعبير عن الأفكار، بل هو وسيلة لبناء العلاقات الإنسانية وتعزيزها. فعندما نستخدم كلماتنا بحذر وحب، فإننا نُظهر تعاطفنا وفهمنا للآخرين، مما يؤدي بالضرورة إلى بناء مجتمع أكثر ترابطًا وتسامحًا. في النهاية، نجد أن أفضل وسيلة لحماية ألسنتنا من الزلات هي تقوى الله وذكره. يجب علينا أن نلتزم بطاعة الله وأن نسعى جاهدين لإظهار حسن الأخلاق في كل تعامل معنا ومع الآخرين. بفضل هذه الضوابط، يمكن أن نحول كلماتنا إلى كلمات صالحة ومقبولة تعبر عن الخير والمحبة. إن توجيه اللسان بكلمات طيبة وصحيحة هو من أعظم العبادات التي تقربنا إلى الله وترسم لنا طريق النجاح والسعادة في حياتنا. ولا ينبغي علينا أن نغفل الدعاء والتوجه إلى الله لطلب العون في تحسين كلامنا وأفعالنا. فالدعاء هو سلاح المؤمن، ويتعين علينا اللجوء إلى الله ليعصمنا من زلات اللسان، ويعيننا على قول الحق والصواب. كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت". من هنا، يجب أن نُنشّئ أنفسنا على ضبط اللسان وتغذيته بالكلمات الطيبة، لأن الكلمة الطيبة صدقة. ختامًا، إن اللسان هو أداة عظيمة يمكن أن تكون سببًا لجلب الخير أو الشر. ومن خلال تطبيق تعاليم القرآن الكريم وفهم المخاطر المرتبطة بالكلام السيئ، يمكننا أن نعمل على بناء مجتمع يعمل بروح المحبة والتسامح، ويكون كل فرد فيه عونًا للآخر. لنحرص جميعًا على حماية ألسنتنا، ونسعى جاهدين لنكون أداة للخير في عالمنا، مستلهمين من الكتب السماوية والمبادئ الإنسانية التي تمثل أعظم القيم.
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب اسمه رضا يجلس مع أصدقائه في الحديقة. بدأوا في مناقشة جيرانهم وتناوبوا على الغيبة. فجأة تذكر رضا آية من القرآن تقول: "ولا يغتب بعضكم بعضا". فقال لأصدقائه إن هذا السلوك خاطئ وأنه يجب عليهم مساعدة بعضهم البعض والتحدث بكلمات طيبة. أدرك أصدقاؤه ذلك وقرروا من ذلك اليوم فصاعدًا أن يتحدثوا عن الآخرين بشكل جيد فقط.